لا التبرئة وهي أبلغُ في النفي، ولكن الناسَ رجَّحوا قراءةَ الرفع، قال أبو البقاء:«لوجهَيْنِ، أحدُهما: أنه عُطِف عليه ما لا يجوزُ فيه إلا الرفعُ وهو قولُه:» ولا هم «لأنه معرفةٌ، و» لا «لا تعملُ في المعارِفِ، فالأَوْلى أن يُجْعَلَ المعطوفُ عليه كذلك لتتشاكلَ الجملتان» ، ثم نظَّره بقولِهم:«قام زيد وعمراً كلَّمْتُه» يعني في ترجيحِ النصب في جملة الاشتغالِ للتشاكل. ثم قال:«والوجهُ الثاني من جهة المعنى، وذلك أنَّ البناءَ يَدُلُّ على نفي الخوفِ عنهم بالكُلِّيَّة، وليس المراد ذلك، بل المرادُ نفيُه عنهم في الآخرةِ. فإنْ قيل: لِمَ لا يكونُ وجهُ الرفعِ أنَّ هذا الكلامَ مذكورٌ في جزاءِ مَنِ اتَّبع الهدى، ولا يَليق أن يُنْفَى عنهم الخوفُ اليسيرُ ويُتَوَهَّمَ ثَبوتُ الخوفِ الكثير؟ قيل: الرفعُ يجوزُ أَنْ يُضْمَرَ معه نفيُ الكثيرِ، تقديرُه: لا خوفٌ كثيرٌ عليهم، فيُتَوَهَّمَ ثبوتَ القليلِ، وهو عكسُ ما قُدِّر في السؤال فبانَ أنَّ الوجهَ في الرفعِ ما ذكرنا» . انتهى.
قولُه تعالى:{وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} تقدَّم أنه جملةٌ منفيةٌ وأنَّ الصحيحَ أنَّها غيرُ عاملةٍ، و «يَحْزنون» في محلِّ رفعٍ خبراً للمبتدأ، وعلى هذا القولِ الضعيفِ يكون في محل نصب.
والخوفُ: الذُّعْرُ والفَزَع، يقال: خافَ يخاف فهو خائِفٌ والأصل: خَوِف بزون عَلِمَ، ويتعدَّى بالهمزةِ والتضعيف. قال تعالى:{وَنُخَوِّفُهُمْ}[الإسراء: ٦٠] ، ولا يكونُ إلا في الأمر المستقبل. والحزنُ ضدُّ السرورِ، وهو مأخوذٌ من