قوله:{اليوم تُجْزَوْنَ} في هذا الظرف وجهان، أحدهما: أنه منصوب ب» أخْرِجوا «بمعنى أخرجوها من أبدانكم، فهذا القول في الدنيا، ويجوز أن يكونَ في يوم القيامة، والمعنى: خلِّصوا أنفسكم من العذاب، فالوقف على قوله» اليوم «. والابتداءُ بقوله {تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون} . والثاني: أنه/ منصوب بتُجْزون، والوقف حينئذ على» أنفسَكم «، والابتداء بقوله» اليوم «والمراد باليوم يحتمل أن يكون وقت الاحتضار وأن يكون يوم القيامة، و» عذابَ «مفعول ثان والأول قائم مقام الفاعل، والهُون: الهَوان، قال تعالى:{أَيُمْسِكُهُ على هُون}[النحل: ٥٩] وقال ذو الإِصبع:
١٩٨٥ - اذهَبْ إليك فيما أمي براعيةٍ ... ترعى المَخَاضَ ولا أُغْضي على الهُون
وأضاف العذابَ إلى الهُون إيذاناً بأنه متمكن فيه، وذلك أنه ليس كلُّ عذابٍ يكون فيه هُون، لأنه قد يكون على سبيل الزجر والتأديب، ويجوز أن يكون من باب إضافةِ الموصوفِ الى صفته، وذلك أن الأصل: العذاب الهون، وصفَه به مبالغةً ثم أضافه إليه على حدِّ إضافته في قولهم: بقلة الحمقاء ونحوه. ويدل على أن الهُون بمعنى الهوان قراءة عبد الله وعكرمة له كذلك.
قوله:{بِمَا كُنتُمْ} » ما «مصدريةٌ أي: بكونكم قائلين غير الحق وكونكم مستكبرين. والباء متعلقة بتُجْزون أي بسببه. و» غير الحق «نصبُه من وجهين،