المقصود فاحتاج أن قال: إن الفعل أسند إلى مصدره بالتأويل المذكور. إلا أن الشيخ اعترض فقال:«وظاهره أنه ليس بجيد، وتحريره أنه أسند الفعل إلى ضمير مصدره فأضمره فيه، لأنه إن أسنده إلى صريح المصدر فهو محذوف، ولا يجوز حذف الفاعل، ومع هذا التقدير فليس بصحيح؛ لأن شرط الإِسناد مفقود فيه وهو تغايُر الحكم والمحكوم عليه» يعني أنه لا يجوز أن يتحد الفعل والفاعل في لفظ واحد من غير فائدة لا تقول: قام القائم ولا قعد القاعد فتقول: إذا أسند الفعل إلى مصدره: فأمَّا إلى مصدره الصريح من غير إضمار فيلزم حذف الفاعل، وأمَّا إلى ضميره فيبقى تقطَّع التقطع، وهو مثل: قام القائم، وذلك لا يجوز مع أنه يلزم عليه أيضاً فساد المعنى كما تقدم من أنه يلزم ما يحصل لهم الوصل «وهذا الذي أورده الشيخُ وقرَّرته مِنْ كلامه حتى فُهِم لا يَرِدُ؛ لِما تقدم من قول الزمخشري على إسناد الفعل إلى مصدره بهذا التاويل، وقد تقدم ذلك التأويل.
وأما القراءة الثانية ففيها ثلاثة أوجه، أحدها: أنه اتُّسع في هذا الظرفِ، فأُسند الفعل إليه فصار اسماً كسائر الأسماء المتصرف فيها، ويدل على ذلك قوله تعالى:{وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}[فصلت: ٥] فاستعمله مجروراً ب» مِنْ «وقوله تعالى {فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}[الكهف: ٧٨]{مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا}[الكهف: ٦١]{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}[المائدة: ١٠٦] . وحكى سيبويه:» هو أحمر بين العينين «وقال عنترة: