كما أطاعوا الله «. قال الشيخ:» ولا يتضح معنى هذه القراءة، إذ التقدير: وجعلوا شركاء الجن لله «. قلت: معناها واضح بما فسَّره الزمخشري في قوله، والمعنى: أَشْرَكوهم في عبادتهم إلى آخره ولذلك سَمَّاها إضافة تبيين، أي إنه بيَّن الشركاء كأنه قيل: الشركاء المطيعين للجن.
قوله:{وَخَلَقَهُمْ} الجمهور على» خَلَقَهم «بفتح اللام فعلاً ماضياً، وفي هذه الجملة احتمالان، أحدهما: أنها حالية ف» قد «مضمرةٌ عند قومٍ وغير مضمرة عند آخرين.
والثاني: أنها مستأنفة لا محَلَّ لها، والضمير في «خلقهم» فيه وجهان، أحدهما: أنه يعود على الجاعلين أي: جعلوا له شركاء مع أنه خلقهم وأوجدهم منفرداً بذلك من غير مشاركة له في خلقهم فكيف يشركون به غيره ممَّن لا تأثيرَ له في خلقهم؟ والثاني: أنه يعود على الجن أي: والحال أنه خلق الشركاء فكيف يجعلون مخلوقه شريكاً له؟
وقرأ يحيى بن يعمر:«وَخَلْقهم» بسكون اللام. قال الشيخ:«وكذا في مصحف عبد الله» . قلت: قوله «وكذا في مصحف عبد الله» فيه نظر من حيث إن الشكل الاصطلاحي أعني ما يدل على الحركات الثلاث وما يدل على السكون كالجزء منه كانت مصاحفُ السَّلفِ منها مجردة، والضبط الموجود بين أيدينا اليوم أمرٌ حادث، يقال: إن أول مَنْ أحدثه يحيى بن يعمر، فكيف يُنسب ذلك لمصحف عبد الله بن مسعود؟ وفي هذه القراءة تأويلان أحدهما: أن يكون «خَلْقهم» مصدراً بمعنى اختلاقهم. قال الزمخشري: أي اختلاقهم للإِفك يعني: وجعلوا لله خَلْقَهم حيث نسبوا قبائحهم إلى الله في قولهم «والله أمَرَنا بها» انتهى. فيكون «لله» هو المفعول الثاني قُدِّم على