وقيل: إنه قصد بالتصريف أن يقولوا دَرَسَتْ عقوبةً لهم «يعني فهذه علة صريحة وقد أوضح بعضهم هذا فقال:» المعنى: يُصَرِّف هذه الدلائل حالاً بعد حال ليقولَ بعضُهم دارَسَتْ فيزدادوا كفراً، وتنبيهٌ لبعضهم فيزدادوا إيماناً، ونحو:{يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً}[البقرة: ٢] . وأبو علي جعلها في بعض القراءات لام الصيرورة، وفي بعضها لام العلة فقال:«واللام في ليقولوا في قراءة ابن عامر ومَنْ وافقه بمعنى: لئلا يقولوا أي: صُرِفَت الآيات وأُحْكِمَتْ لئلا يقولوا هذه أساطير الأولين قديمة قد بَلِيَتْ وتكرَّرَتْ على الأسماع، واللام على سائر القراءات لام الصيرورة» . قلت: قراءة ابن عامر دَرَسَتْ بوزن أَكَلَتْ وسَرَقتْ فعلاً ماضياً مسنداً لضمير الآيات، وسيأتي تحقيق القراءات في هذه الكلمة متواتِرها وشاذِّها. قال الشيخ «وما أجازه من إضمارِ» لا «بعد اللام المضمر بعدها» أَنْ «هو مذهب لبعض الكوفيين كما أضمروها بعد» أَنْ «المظهرة في {أَن تَضِلُّواْ}[النساء: ١٧٦] ، ولا يجيز البصريون إضمار» لا «إلا في القسم على ما تبيَّن فيه» .
ثم هذه اللام لا بدَّ لها من مُتَعَلَّق، فقدَّره الزمخشري وغيره متأخراً. قال الزمخشري:«وليقولوا جوابه محذوف تقديره: وليقولوا دَرَسَتْ نُصَرِّفها. فإن قلت: أيُّ فرق بين اللامين في لِيَقُولوا ولنبيِّنه؟ قلت: الفرق بينهما أن الأولى مجاز والثانية حقيقة، وذلك أن الآيات صُرِفَت للتبيين، ولم تُصْرَفْ ليقولوا دارست، ولكن لأنه لمَّا حصل هذا القولُ بتصريف الآيات كما حصل للتبيين شَبَّهَ به فَسِيْق مَساقَه، وقيل: ليقولوا كما قيل لنبيِّه» . قلت: فقد نص هنا