المدينة، وكذا أبو جعفر. قلت: وقراءة الكوفيين والشاميين أيضاً، إلا أن أبا علي الفارسي ضعَّف هذا القول الذي استجوده الناس وقوَّوه تخريجاً لهذه القراءة فقال:» التوقع الذي تدل عليه «لعلَّ» لا يناسب قراءة الكسر لأنها تدل على حكمه تعالى عليهم بأنهم لا يؤمنون «ولكنه لمَّا منع كونها بمعنى» لعل «لم يجعلها معمولة ل» يُشْعِركم «بل جعلها على حذف لام العلة أي لأنها، والتقدير عنده: قل إنما الآيات عند الله لأنها إذا جاءت لا يؤمنون، فهو لا يأتي بها لإِصْرارهم على كفرهم، فيكون نظير {وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون}[الإِسراء: ٥٩] أي بالآيات المقترحة، وعلى هذا فيكون قوله» وما يُشْعركم «اعتراضاً بين العلة والمعلول.
الثاني: أن تكون» لا «مزيدةً، وهذا رأيُ الفراء وشيخه قال:» ومثله {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ}[الأعراف: ١٢] أي: أن تسجد، فيكون التقدير: وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون، والمعنى على هذا: أنها لو جاءت لم يؤمنوا، وإنما حملها على زيادتها ما تقدَّم من أنها لو تُقَدَّر زائدةً لكان ظاهرُ الكلام عذراً للكفار وأنهم يُؤْمنون، كما عرَفْتَ تحقيقَه أولاً. إلا أن الزجاج نسب ذلك إلى الغلط فقال «والذي ذكر أن» لا «لغوٌ غالط، لأنَّ ما يكون لغواً لا يكون غيرَ لغو، ومَنْ قرأ بالكسر فالإِجماع على أن» لا «غير لغو» فليس يجوز أن يكون معنى لفظة مرةً النفيَ ومرةً الإِيجابَ في سياق واحد.
وانتصر الفارسي لقول الفراء ونفى عنه الغلط، فإنه قال: «يجوز أن