المتضايفين بالجملة في قولهم:«هو غلامُ إن شاء الله أخيك» يريدون: هو غلام أخيك فأنْ يُفْصَل بالمفرد أسهل «انتهى. وسمع الكسائي قول بعضهم:» إن الشاةَ لتجترُّ فتسمع صوتَ واللهِ ربِّها «أي: صوت ربها والله، ففصل بالقسم وهو في قوة الجملة، وقرأ بعض السلف:{فَلاَ تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدَه رُسُلِهُ}[إبراهيم: ٤٧] بنصب» وعدَه «وخفض» رسله «، وفي الحديث عنه عليه السلام:» هل أنتم تاركو لي صاحبي، تاركو لي امرأتي «أي: تاركو صاحبي لي، تاركو امرأتي لي.
وقال ابن جني في الخصائص:» باب ما يَرِد عن العربي مخالفاً للجمهور، إذا اتفق شيء من ذلك: نُظِر في ذلك العربي وفيما جاء به: فإن كان فصيحاً وكان ما جاء به يقبله القياس فَيَحْسُن الظنُّ به؛ لأنه يمكن أن يكون قد وقع إليه ذلك مِنْ لغةٍ قديمة قد طال عهدها وعفا رسمها. أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن أبي الحجاج عن أبي خليفة الفضل بن الحباب قال: قال ابن عوف عن ابن سيرين: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كان الشعر عِلْمَ قوم لم يكن لهم عِلْمٌ أصحُّ منه، فجاء الإِسلام فتشاغلت عنه العرب بالجهاد وغَزْوِ فارس والروم ولَهَت عن الشعر وروايتِه، فلمَّا كثُر الإِسلام وجاءت الفتوح واطمأنَّت العرب في الأمصار راجعوا رواية الشعر فلم يَؤُولوا إلى ديوانٍ مُدَوَّنٍ ولا إلى كتاب مكتوب، وأَلِفُوا ذلك وقد هلك مَنْ هلك من العرب بالموت والقتل فحفظوا أقلَّ ذلك وذهب عنهم كثيره.
قال: وحدثنا أبو بكر عن أبي خليفة عن يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء: قال: «ما انتهى إليكم ممَّا قالت العرب إلا أقلُّه ولو جاءكم وافراً لجاءكم علمٌ وشعر كثير» . قال أبو الفتح: «فإذا كان الأمر كذلك لم نقطع على الفصيح [إذا] سُمِع منه