يريد: هما أخوا مَنْ لا أخاله في الحرب، ولأنت معتاد مصابرة في الهجاء، وكأن أصواتَ أواخر الميس، وغلائل صدورِها.
ومن الفصل بالمفعول قول الشاعر:
٢٠٧٨ - فَزَجَجْتُها بمَزَجَّةٍ ... زجَّ القَلوصَ أبي مزادَه
ويروى: فَزَجَجْتها فتدافعَتْ، ويُروى: فزجَجْتها متمكناً، وهذا البيت كما تقدَّم أنشده الأخفش بنصب «القلوص» فاصلاً بين المصدر وفاعله المعنوي، إلا أن الفراء قال بعد إنشاده لهذا البيت:«ونحويُّو أهل المدينة ينشدون هذا البيت يعني بنصب القلوص» قال: «والصواب: زَجَّ القلوصِ بالخفض» قلت: قوله «والصوابُ يحتمل أن يكون من حيث الرواية، أي: إن الصوابَ خَفْضُه على الرواية الصحيحة، وأن يكون من حيث القياس، وإن لم يُرْوَ إلا بالنصب. وقال في موضع آخر من كتابه» معاني القرآن «:» وهذا مما كان يقوله نحويُّو أهلِ الحجاز ولم نجد مثله في العربية «وقال أبو الفتح:» فُصل بينهما بالمفعول به هذا مع قدرته على أن يقول: زج القلوصِ أبو مزادة كقولك: «سَرَّني أكلُ الخبزِ زيدٌ» بمعنى أنه كان ينبغي أن يضيف المصدر إلى مفعوله فيبقى الفاعل مرفوعاً على أصله، وهذا معنى قول الفراء الأول «والصواب جر القلوص» يعني ورفع الفاعل. ثم قال ابن جني: «وفي هذا البيت عندي دليلٌ على قوة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم، وأنه في نفوسهم أقوى من إضافته إلى المفعول، ألا تراه ارتكب هذه الضرورةَ مع تمكُّنِه مِنْ تَرْكِها لا لشيء غيرَ الرغبة في إضافة المصدر إلى