بتمامه في موضعه، وإنما أَخَذْتُ منه [بقدر] الحاجة هنا. فقوله» إن كل قراءة تابعةٌ لرسم مصحفها «تُشْكِلُ بما ذكرت لك من أن مصحف الحجازيين بالياء مع أنهم لم يقرؤوا بذلك. وقد نقل أبو عمرو الداني أن» شركائهم «بالياء إنما هو في مصحف الشام دون مصاحف الأمصار فقال:» في مصاحف أهل الشام «أولادهم شركائهم» بالياء وفي سائر المصاحف شركاؤهم بالواو «. قلت: هذا هو المشهور عند الناس أعني اختصاص الياء بمصاحف الضام، ولكنْ أبو البرهسم ثقة أيضاً فنقبل ما ينقله. وقد تقدَّم قولُ الزمخشري:» والذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوباً بالياء «.
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة:» ولا بُعْدَ فيما استبعده أهل النحو من جهة المعنى وذلك أنه قد عُهد تقدُّمُ المفعول على الفاعل المرفوع لفظاً فاستمرت له هذه المرتبةُ مع الفاعل المرفوع تقديراً فإن المصدر لو كان منوناً لجاز تقديم المفعول على فاعله نحو: «أعجبني ضربٌ عمراً زيدٌ» فكذا في الإِضافة وقد ثَبَتَ جوازُ الفصل بين حرف الجر ومجروره مع شدة الاتصال بينهما أكثرَ من شدته بين المضاف والمضاف إليه كقوله تعالى:
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ}[النساء: ١٥٥]{فَبِمَا رَحْمَةٍ}[آل عمران: ١٥٩] ف «ما» زائدة في اللفظ فكأنها ساقطة فيه لسقوطها في المعنى، والمفعول المقدم هو غير موضعه معنى فكأنه مؤخر لفظاً، ولا التفات إلى قول مَنْ زعم أنه لم يأت في الكلام المنثور مِثْلُه لأنه نافٍ، ومَنْ أسند هذه القراءة مُثْبِت، والإِثبات مُرَجَّح على النفي بإجماع، ولو نُقِل إلى هذا الزاعم عن بعض العرب أنه استعمله في النثر لرجع إليه فما باله لا يكتفي بناقل القراءة من التابعين عن الصحابة؟ ثم الذي حكاه ابن الأنباري يعني