وقرأ ابن عباس أيضاً والأعرج وقتادة:«خالصةً» نصباً بالتأنيث، والكلام في نصبه وتأنيثه كما تقدم في نظيره، وخرَّجه الزمخشري على أنه مصدر مؤكد كالعاقبة. وقرأ ابن عباس أيضاً وأبو رزين وعكرمة وأبو حيوة:«خالصُه» برفع «خالص» مضافاً إلى ضمير «ما» . ورفعه على أحد وجهين: إمَّا على البدل من الموصول، بدلِ بعض من كل، و «لذكورنا» خبر الموصول، وإمَّا على أنه مبتدأ، و «لذكورنا» خبره والجملة خبر الموصول، وقد عَرَفْتَ ممَّا تقدَّم أنه حيث قلنا: إن «خالصة» مصدر أو هي للمبالغة فليس في الكلام حَمْلٌ على معنى ثم على لفظ، وإن قلنا: إن التأنيث فيها لأجل تأنيث ما في البطون كان في الكلام الحَمْلُ على المعنى أولاً ثم على اللفظ في قوله «مُحَرَّمٌ» ثانياً، وليس لذلك في القرآن نظير، أعني الحمل على المعنى أولاً ثم على اللفظ ثانياً.
إلا أن مكِّيَّاً زعم في غير «إعراب القرآن» له أن لهذه الآية نظائر فذكرها، وأما في إعرابه فلم يذكر أن غيرها في القرآن شاركها في ذلك، فقال في إعرابه «وإنما أَنَّث الخبر/ لأنَّ ما في بطون الأنعام أنعامٌ فحمل التأنيث على المعنى، ثم قال:» ومُحَرَّمٌ «فذكَّر حَمْلاً على لفظِ» ما «، وهذا نادرٌ لا نظير له، وإنما يأتي في» مَنْ «و» ما «حَمْلُ الكلام أولاً على اللفظ ثم على المعنى بعد ذلك فاعرفه فإنه قليل» . وقال في غير «الإِعراب» : «هذه الآية في قراءة الجماعة أَتَتْ على خلاف نظائرها في القرآن؛ لأنَّ كلَّ ما يُحْمل على اللفظ مرةً وعلى المعنى مرة إنما يتبدئ أولاً بالحمل على اللفظ ثم يليه الحَمْل على المعنى نحو:{مَنْ آمَنَ بالله}[البقرة: ٦٢] ثم قال:» فلهم أجرُهم «، هكذا يأتي في القرآن وكلام العرب، وهذه الآية تَقَدَّم فيها الحَمْلُ على المعنى فقال»