الزجاج والفراء. والثاني: أنه منصوب ب «كلوا» الذي قبله أي: كلوا ثمانيةَ أزواج، ويكون قوله «ولا تَتَّبِعُوا» إلى آخره كالمعترض بين الفعل ومنصوبه وهو قول علي بن سليمان وقَدَّره: كُلوا لحمَ ثمانية. وقال أبو البقاء:«هو منصوب ب» كلوا «تقديره: كُلوا مما رزقكم الله ثمانية أزواج، ولا تُسْرفوا معترض بينهما» . قلت: صوابه أن يقول: «ولا تتَّبعوا» بدلَ «ولا تسرفوا» لأنَّ «كُلوا» الذي يليه «ولا تسرفوا» ليس منصبّاً على هذا لأنه بعيد منه، ولأنَّ بعده ما هو أَوْلَى منه بالعمل، ويُحتمل أن يكون الناسخ غلط عليه، وإنما قال هو «ولا تَتَّبعوا» ويدل على ذلك أنه قال «تقديره: كلوا ممَّا رزقكم الله» ، وكلوا الأولُ ليس بعده «مما رزقكم» إنما هو بعد الثاني. الثالث: أنه عطف على «جنات» أي: أنشأ جنات وأنشأ ثمانية أزواج، ثم حُذِفَ الفعل وحرف العطف وهو مذهب الكسائي. قال أبو البقاء:«وهو ضعيف» قلت: الأمر كذلك، وقد سُمِع ذلك في كلامهم نثراً ونظماً، ففي النثر قولهم:«أكلت لحماً سمكاً تمراً» وفي نظمهم قول الشاعر:
٢١٠٢ - ... كيف أصبحتَ كيف أَمْسَيْتَ مِمَّا
يزرَعُ الودَّ في فؤاد الكريمِ ... أي: أكلت لحماً وسمكاً وتمراً، وكيف أصبحت وكيف أمسيت، وهذا على أحد القولين في ذلك. والقول الثاني أنه بدل بداء. ومنه الحديث: «إن الرجلَ ليصلِّي الصلاة، وما كُتِبَ له نصفُها ثلثُها ربعُها إلى أن وصل إلى