شحومهما، فلا يجب هنا تقديم المجرور بها على الفعل، بل يجوز تأخيره كما تقدَّم، ولكن لا يجوز تأخيره عن المنصوب بالفعل فيقال: حرَّمنا عليهم شحومَهما من البقر والغنم لئلا يعود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة. وقال أبو البقاء:«ولا يجوز أن يكون» مِن البقر «متعلقاً ب» حَرَّمنا «الثانية» . قال الشيخ:«وكأنه توهَّم أنَّ عَوْد الضمير مانع من التعلق، إذ رتبةُ المجرور ب مِنْ التأخير لكن عَمَّاذا؟ أما عن الفعل فمسلَّم، وأما عن المفعول فغير مُسَلَّم» يعني أنه إن أراد أنَّ رتبة قوله «من البقر» التأخير عن شحومهما فيصير التقدير: حرَّمْنا عليهم شحومهما من البقر فغير مُسَلَّم. ثم قال الشيخ:«وإن سَلَّمنا أنَّ رُتْبَتَه التأخير عن الفعل والمفعول فليس بممنوع بل يجوز ذلك كما جاز:» ضرب غلامَ المرأة أبوها «و» غلامَ المرأة ضرب أبوها «، وإن كانت رتبة المفعول التأخير، لكنه وجب هنا تقديمه لعود الضمير الذي في الفاعل الذي رتبتُه التقديم عليه فكيف بالمفعول الذي هو والمجرور في رتبة واحدة؟ أعني في كونِهما فضلةً فلا يُبالى فيهما بتقديم أيِّهما شِئْتَ على الآخر، قال الشاعر:
فقدَّم الظرفَ وجوباً لعود الضمير الذي اتصل بالفاعل على المجرور بالظرف» . قلت: لقائلٍ أن يقول لا نُسَلِّم أن أبا البقاء إنما مَنَعَ ذلك لِما ذكره حتى يُلْزَمَ بما ألزمته بل قد يكون منعه لأمر معنوي.
والإِضافة في قوله «شحومهما» تفيد الدلالة على تأكيد التخصيص والربط، إذ لو أتى في الكلام «من البقر والغنم حرَّمْنا عليهم الشحوم» لكان