مستقيماً فاتَّبعوه كقوله:{وَأنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}[المؤمنون: ٥٢] . قال سيبويه:» ولأن هذه أمتكم «وقال في قوله تعالى:» وأن المساجد لله «: ولأن المساجد» . قال بعضهم: وقد صرَّح بهذه اللام في نظير هذا التركيب كقوله تعالى: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ. . . فَلْيَعْبُدُواْ}[قريش: ١] ، والفاء على هذا كهي في قولك: زيداً فاضرب، وبزيد فامرر. وقد تقدم تقريره في البقرة. قال الفارسي:«قياس قول سيبويه في فتح الهمزة أن تكون الفاء زائدة كهي في» زيد فقائم «قلت: سيبويه لا يجوِّز زيادتها في مثل هذا الخبر، وإنما أراد أبو علي بنظيرها في مجرد الزيادة وإن لم يَقُلْ به، بل قال به غيرُه. الرابع: أنها في محل جر نسقاً على الضمير المجرور في» به «أي: ذلكم وصَّاكم به وبأن هذا، وهو قول الفراء أيضاً. وردَّه أبو البقاء بوجهين أحدهما: العطف على الضمير المجرور من غير إعادةِ الجار. والثاني: أنه يصير المعنى: وَصَّاكم باستقامة الصراط وهذا فاسدٌ» . قلت: والوجهان مردودان، أمَّا الأول فليس هذا من باب العطف على المضمر من غير إعادة الجار لأن الجارَّ هنا في قوة المنطوق به، وإنما حُذِفَ لأنه يَطَّرد حَذْفُه مع أنَّ وأنْ لطولهما بالصلة، ولذلك كان مذهب الجمهور أنها في محل جر بعد حذفه لأنه كالموجود، ويدل على ما قلته ما قال الحوفي قال:«حُذِفت الباء لطول الصلة وهي مرادة، ولا يكون في هذا عَطْفُ مُظْهَرٍ على مضمر لإِرادتها» . وأمَّا الثاني فالمعنى صحيح غير فاسد؛ لأن معنى توصيتنا باستقامة الصراط أن لا نتعاطى ما يُخْرِجنا عن الصراط، فوصيتنا باستقامته مبالغة في اتباعه.