وقيل: لأن الإِيمان بمعنى العقيدة فهو كقولهم: «أتته كتابي فاحتقرها» أي: صحيفتي ورسالتي. وقال النحاس:«في هذا شيء دقيق ذكره سيبويه: وذلك أن الإِيمان والنفس كل منهما مشتمل على الآخر فأنَّث الإِيمان إذ هو من النفس وبها» . وأنشد سيبويه «مَشَيْن كما اهتزَّت» البيت. وقال الزمخشري في هذه القراءة «لكون الإِيمان مضافاً إلى ضمير المؤنث الذي هو بعضه كقولهم:» ذهبت بعض أصابعه «. قال الشيخ:» وهو غلطٌ؛ لأن الإِيمان ليس بعضاً للنفس «قلت: قد تقدَّم آنفاً ما يَشْهد لصحة هذه العبارة من كلام النحاس في قوله عن سيبويه:» وذلك أنَّ الإِيمان والنفس كلٌّ منهما مشتملٌ على الآخر، فَأَنَّثَ الإِيمانَ إذ هو من النفس وبها «فلا فرقَ بين هاتين العبارتين، أي لا فرق بين أن يقولَ هو منها وبها أو هو بعضها، والمرادُ في العبارتين المجازُ.
قوله:» لم تكنْ آمَنَتْ «في هذه الجملةِ ثلاثةُ أوجهٍ أحدها: أنها في محل نصب لأنها نعتٌ لنفساً، وفَصَل بالفاعل وهو» إيمانها «بين الصفة وموصوفها لأنه ليس بأجنبي، إذ قد اشترك الموصوف الذي هو المفعول والفاعل في العامل، فعلى هذا يجوز:» ضرب هنداً غلامُها القرشية «وقوله» أو كسبت «عطف على» لم تكن آمنت «.
وفي هذه الآية بحوثٌ حسنة تتعلق بعلم العربية، وعليها تُبْنى مسائل من أصول الدين، وذلك أن المعتزلي يقول: مجردُ الإِيمان الصحيح لا يكفي بل لا بد من انضمام عَمَلٍ يقترن به ويصدِّقه، واستدل بظاهر هذه الآية، وذلك