وهو الظاهر، ويجوز أن يعود على الإِنزال المدلول عليه ب «أُنْزِل» ، أو على الإِنذار أو على التبليغ المدلولِ عليهما بسياقِ الكلام، أو على التكذيب الذي تضمَّنه المعنى. والنهيُ في الصورة للحرج، والمرادُ الصادرُ منه، مبالغة في النهي عن ذلك، كأنه قيل: لا تتعاطَ أسباباً ينشأُ عنها حَرَجٌ، وهو من باب «لا أُرَيَنَّك ههنا» : النهي متوجه على المتكلم والمرادُ به المخاطبُ، كأنه قال: لا تكنْ بحضرتي فأراك. ومثله:{فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ}[طه: ١٦] .
قوله: لتنذرَ به «في متعلَّق هذه اللامِ ثلاثةُ أوجه أحدها: أنها متعلقة ب» أُنْزِل «أي: أُنْزِلَ إليك للإِنذار، وهذا قول الفراء قال:» اللام في «لتنذرَ» منظوم بقوله «أُنْزِل» على التقديم والتأخير، على تقدير: كتابٌ أُنزل إليك لتنذرَ به فلا يكن «. وتبعه الزمخشري والحوفي وأبو البقاء. وعلى هذا تكونُ جملةُ النهي معترضةً بين العلة ومعلولها، وهو الذي عناه الفراء بقوله» على التقديم والتأخير «. والثاني: أن اللامَ متعلقةٌ بما تعلَّق [به] خبر الكون، إذ التقديرُ: فلا يكنْ حرجٌ مستقراً في صدرك لأجل الإِنذار. كذا قاله الشيخ عن ابن الأنباري، فإنه قال:» وقال ابن الأنباري: التقدير: «فلا يكنْ في صدرك حرجٌ منه كي تنذرَ به فَجَعَلَه متعلقاً بما تعلَّق به» في صدرك «، وكذا علَّقه به صاحب» النظم «، فعلى هذا لا تكونُ الجملةُ معترضةً» . قلت: الذي نقله الواحدي عن نص ابن الأنباري في ذلك أن اللامَ متعلقةٌ بالكون، وعن صاحب «النظم» أن اللام بمعنى «أن» وسيأتي بنصَّيْهما إن شاء الله، فيجوز أن يكون لهما كلامان.