الإِرادة أي: أردنا إهلاكها كقوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة}[المائدة: ٦] ، {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن}[النحل: ٩٨] ،» إذا دخل أحدكم الخَلاءَ فَلْيُسَمِّ الله «
الثاني: أن المعنى أهلكناها أي خذلناهم ولم نوفِّقْهم فنشأ عن ذلك هلاكُهم، فعبَّر بالمُسَبَّب عن سببه وهو باب واسع. وثَمَّ أجوبةٌ ضعيفة منها: أن الفاءَ هنا تفسيرية نحو: «توضأ فغسل وجهَه ثم يديه» فليست للتعقيب، ومنها: أنها للترتيب في القول فقط كأنه أخبر عن قرىً كثيرة أنها أهلكها ثم قال: فكان من أمرها مجيء البأس. / ومنها ما قاله الفراء وهو أن الإِهلاك هو مجيء البأس، ومجيء البأس هو الإِهلاك، فلمَّا كانا متلازمَيْن لم تُبالِ بأيهما قدَّمْتَ في الرتبة كقولك:«شتمني فَأَساء» و «أساء فشتمني» فالإِساءةُ والشتمُ شيء واحد فهذه ستة أقوال.
واعلم أنه إذا حُذِف مضافٌ وأقيم المضافُ إليه مُقامَه جاز لك اعتباران، أحدهما: الالتفاتُ إلى ذلك المحذوف، والثاني وهو الأكثر عدم الالتفات إليه، وقد جُمِعَ الأمران ههنا فإنه لم يُراعِ المحذوفَ في قوله «أهلكناها فجاءها» وراعاه في قوله «أو هم قائلون» ، هذا إذا قدَّرْنا الحذفَ قبل «قرية» ، أمَّا إذا قدَّرنا الحذفَ قبل ضمير «فجاءها» فإنه لم يُراعِ إلا المحذوفَ فقط، وهو غيرُ الأكثر.
قوله:«بَيَاتاً» فيه ثلاثة أوجه أحدها: أنه منصوبٌ على الحال، وهو في الأصل مصدر، بات يبيتُ بَيْتاً وبَيْتَةً وبَيَاتاً وبَيْتُوتة. قال الليث:«البَيْتوتَةُ دخولُك في الليل» فقوله «بياتاً» أي بائتين. وجَوَّزوا أن يكون مفعولاً له، وأن