تمكُّنَ المستعلي من المستعلَى عليه. ومعنى» عن يمينه «أنه جلس متجافياً عن صاحب اليمين غيرَ ملاصقٍ له منحرفاً عنه، ثم كَثُر حتى استعمل في المتجافي وغيرِه كما ذكرنا في تعالَ. ونحوُه من المفعول به قولهم:» رميت على القوس وعن القوس ومن القوس «، لأنَّ السهم يُبْعِدُ عنها ويَسْتعليها إذا وُضع على كَبِدِها للرمي، ويبتدئ الرميُ منها فلذلك قالوا: جلس بين يديه وخلفه بمعنى في لأنهما ظرفان للفعل، ومِنْ بين يديه، ومن خلفه، لأنَّ الفعل يقع في بعض الجهتين كما تقول: جئت من الليل تريد بعض الليل» . قلت: وهذا كلامُ مَنْ رسخت قدمُه في فهم كلام العرب. وقال الشيخ:«وهو كلامٌ لا بأسَ به» فلم يوفِّه حقَّه.
ثم قال: «وأقول: وإنما خَصَّ بين الأيدي والخلف بحرف الابتداء الذي هو أمكن في الإِتيان لأنهما أغلبُ ما يجيء العدوُّ منهما فينال فرصته، وقدَّم بين الأيدي على الخلف لأنها الجهة التي تدلُّ على إقدام العدو وبسالته في مواجهة قِرْنِه غيرَ خائفٍ منه، والخلف جهةُ غَدْرٍ ومخاتلة وجهالة القِرْن بمَنْ يغتاله ويتطلب غِرَّته وغَفْلَتَه، وخَصَّ الأيمان والشمائل بالحرف الذي يدلُّ على المجاوزة لأنهما ليستا بأغلب ما يأتي منهما العدو، وإنما يجاوز إتيانَه إلى الجهة التي هي أغلب في ذلك، وقُدِّمت الأيمان على الشمائل لأنها هي الجهةُ القويةُ في ملاقاة العدو، وبالأَيْمان البطشُ والدفعُ، فالقِرْنُ الذي يأتي مِنْ جهتها أبسلُ وأشجع إذ جاء من الجهة التي هي أقوى في الدفع، والشمائل ليست في القوة والدفع كالأَيْمان.
والأَيْمان والشمائل جَمْعا يمين وشمال، وهما الجارحتان وتُجْمَعان في القلة على أَفْعُل، قال: