مذؤوماً ومدحوراً يطلب هذا الجارَّ عند هذا القائل من حيث المعنى ويكون الإِعمال للثاني كما هو مختار البصريين للحذف من الأول.
والثالث: أن يكون هذا الجارُّ خبراً مقدماً والمبتدأ محذوف تقديره: لمن تبعك منهم هذا الوعيدُ، ودلَّ على قوله «هذا الوعيد» قولُه «لأملأن جهنم» ، لأن هذا القسمَ وجوابَه وعيدٌ، وهذا أراده الزمخشري بقوله:«بمعنى لمن تبعك منهم الوعيد وهو قوله» لأملأن جهنم «على أنَّ» لأملأنَّ «في محل الابتداء و» لمن تبعك «خبره. قال الشيخ:» فإن أراد ظاهر كلامه فهو خطأ على مذهب البصريين لأنَّ قولَه «لأملأنَّ» جملةٌ هي جوابُ قسم محذوف، من حيث كونُها جملةً فقط لا يجوز أن تكون مبتدأة، ومن حيث كونها جواباً للقسم المحذوف يمتنع أيضاً؛ لأنها إذ ذاك من هذه الحيثيَّة لا موضع لها من الإِعراب، ومن حيث كونُها مبتدأ لها موضع من الإِعراب، ولا يجوز أن تكون الجملة لها موضع من الإِعراب لا موضع لها من الإِعراب، وهو محال لأنه يلزم أن تكون في موضع رفع لا في موضع رفع، داخلٌ عليها عاملٌ غيرُ داخل عليها عاملٌ، وذلك لا يُتَصَوَّر «.
قلت: بعد أن قال الزمخشري:» بمعنى لِمَنْ تبعك الوعيد وهو لأملأنَّ «كيف يحسن أن يُتردد بعد ذلك فيُقال: إن أراد ظاهر كلامه، كيف يريده مع التصريح بتأويله هو بنفسه؟ وأمَّا قوله» على أن لأملأنَّ في محل الابتداء «فإنما قاله لأنه دالٌ على الوعيد الذي هو في محل الابتداء، فنسب إلى الدالِّ ما يُنْسب إلى المدلول من جهة المعنى.