للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحوفي قال: «وأنا أرى أن لا يكون» ذلك «نعتاً للباس التقوى؛ لأن الأسماءَ المبهمة أعرف ممَّا فيه الألفُ واللام وما أضيف إلى الألف واللام، وسبيل النعت أن يكون مساوياً للمنعوت أو أقلَّ منه تعريفاً، فإن كان قد تقدَّمَ قولُ أحدٍ به فهو سهوٌ» .

قلت: أمَّا القول به فقد قيل كما ذَكَرْتُه عن الزجاج والفارسي وابن الأنباري، ونصَّ عليه أبو علي في «الحجة» أيضاً وذكره الواحدي. وقال ابن عطية: «هو أنبل الأقوال» ، وذكر مكي الاحتمالات الثلاثة: أعني كونه بدلاً أو بياناً أو نعتاً، ولكن ما بحثه الحوفي صحيح من حيث الصناعةُ، ومن حيث إن الصحيح في ترتيب المعارف ما ذَكَر من كونِ الإِشارات أعرفَ من ذي الأداة، ولكن قد يقال: القائلُ بكونه نعتاً لا يجعله أعرفَ مِنْ ذي الألف واللام. الخامس: جوَّز أبو البقاء أن يكون «لباسُ» مبتدأً، وخبره محذوف أي: ولباسُ التقوى ساتر عوراتكم «وهذا تقديرٌ لا حاجةَ إليه.

وإسنادُ الإِنزال إلى اللباس: إمَّا لأن أنزل بمعنى خلق كقوله: {وَأَنزْلْنَا الحديد} [الحديد: ٢٥] {وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦] وإمَّا على ما يسمِّيه أهلُ العلم التدريجَ وذلك أنه ينزل أسبابه، وهي الماء الذي هو سببٌ في نبات القطن والكتَّان والمرعى الذي تأكله البهائم ذواتُ الصوفِ والشعر والوبر التي يُتَّخَذُ منها الملابسُ، ونحو قولِ الشاعر يصف مطراً:

<<  <  ج: ص:  >  >>