قوله:{وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} هذه الجملةُ عَطْفٌ على ما قبلها فهي صفةٌ أيضاً ل «يوماً» ، والعائدُ منها عليه محذوفٌ كما تقدَّم، أي: ولا يُقبل منها فيه شفاعةٌ. و «شفاعةٌ» مفعولٌ لم يُسَمَّ فاعلُه، فلذلك رُفِعَتْ، وقُرئ:«يُقْبَل» بالتذكير والتأنيثِ، فالتأنيثُ لِلَّفْظِ، والتذكيرُ لأنه مؤنثٌ مجازيٌّ، وحَسَّنَهُ الفصلُ. وقُرئ:«ولا يَقْبل» مبنياً للفاعل وهو الله تعالى. و «شفاعةً» نصباً مفعولاً به. و {لاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} صفةٌ أيضاً، والكلامُ فيه واضحٌ. و «منها» متعلِّقٌ ب «يُقْبل» و «يُؤْخذ» ، وأجاز أبو البقاء أن يكونَ نصباً على الحال، لأنه في الأصلِ صفةٌ لشفاعة وعدل، فلمَّا قُدِّم عليهما نُصِبَ على الحالِ، ويتعلَّقُ حينئذٍ بمحذوفٍ، وهذا غيرُ واضحٍ، فإنَّ المعنى مُنْصَبٌّ على تعلُّقِهِ بالفعلِ، والضميرُ في «منها» يعودُ على «نفس» الثانيةِ، لأنها أقربُ مذكور، ويجوز أن يعودَ على الأولى لأنها هي المُحَدَّث عنها، ويجوزُ أَنْ يعودَ الضميرُ الأول على الأولى وهي النفسُ الجازية، والثاني يعودُ على الثانية وهي المَجْزِيُّ عنها، وهذا مناسِبٌ.
والشفاعةُ مشتقةٌ من الشَّفْع، وهو الزوجُ، ومنه: الشُّفْعَةُ، لأنها ضَمُّ مِلْكٍ إلى غيره، والشافعُ والمشفوعُ له، لأنَّ كلاًّ منهما يُزَوِّجُ نفسَه بالآخر، وناقةٌ شَفُوع: تَجْمَع بين مَحْلَبَيْنِ في حَلْبةٍ واحدةٍ، وناقةٌ شافِع إذا اجتمع لها حَمْلٌ وولدٌ يَتْبَعُها، والعَدْل بالفتح الفِداء، وبالكسر المِثْل، يقال: عَدْل