ضربت» أي: الذي ضربته. قيل: لو أريد ذلك لجاز استعمالُ هذا الأصل، فَتَرْكُهم لهذا الاستعمالِ دليلٌ على أنه ليس أصلاً له «.
قلت: أبو إسحاق لم يَعْتقد كونَها موصولةً بمعنى الذي، لا يقول بذلك أحد، وإنما يزعم أنها ليست مضافةً للجملة بعدها فصارت كالصلة لها أي كالزيادة، وهو كلامٌ متهافت، فالردُّ عليه من هذه الحيثيَّةِ لا من حيثية اعتقادِه لكونها موصولةً. ويُحتمل أن يكون مرادُه أن الجملة لَمَّا كانت من تمام معناها بمعنى أنها مفتقرةٌ إليها كافتقار الموصول لصلته أُطْلق عليها هذه العبارة، ويَدُلُّ على ما قلته أنَّ مكياً ذكر في علة بنائها فقال:» ولأنَّ ما بعدها مِنْ تمامها كالصلة والموصول «إلا أنه يَرضى أنها مضافةٌ لما بعدها.
وقرئ {مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُ} بالإِفراد، وذلك يحتمل وجهين أحدهما: يكون الضميرُ عائداً على الشيطان وحده دون قبيله، لأنه هو رأسُهم وهم تَبَعٌ له ولأنه المَنْهيُّ [عنه] أول الكلام، وأن يكون عائداً عليه وعلى قبيله، ووحَّد الضميرَ إجراءً له مُجرى اسم الإِشارة في قوله تعالى {عَوَانٌ بَيْنَ ذلك}[البقرة: ٦٨] . ونظير هذه القراءة/ قول رؤبة:
٢١٨١ - فيها خطوطٌ من سَوادٍ وبَلَقْ ... كأنه في الجلد توليعُ البَهَقْ
وقد تقدم هذا البيتُ بحكايته معه في البقرة.
قوله:{إِنَّا جَعَلْنَا} يحتمل أن يكون بمعنى صَيَّر أي: صَيَّرْنا الشياطينَ