للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعني على القطع، ويجوز أن ينتصبَ فريقاً الأول على الحال من فاعل تعودون، وفريقاً الثاني نصب بإضمار فعلٍ يفسِّره «حقَّ عليهم الضلالة» كما تقدم تحقيقه في كل منهما.

وهذه الأوجهُ كلُّها ذكرها ابن الأنباري فإنه قال كلاماً حسناً، قال رحمه الله: «انتصب فريقاً وفريقاً على الحال من الضمير الذي في تعودون، يريد: تعودون كما ابتدأ خَلْقُكم مختلفين، بعضكم أشقياء وبعضكم سُعَداء، فاتصل» فريق «وهو نكرةٌ بالضمير الذي في» تعودون «وهو معرفة فقُطِع عن لفظه، وعُطِف الثاني عليه» . قال: «ويجوز أن يكونَ الأول منصوباً على الحال من الضمير، والثاني منصوب بحقَّ عليهم الضلالة، لأنه بمعنى أضلَّهم كما يقول القائل:» عبد الله أكرمته وزيداً أحسنت إليه «فينتصب زيداً بأحسنت إليه بمعنى نَفَعْته، وأنشد:

٢١٨٥ - أثعلبةَ الفوارسِ أم رِياحا ... عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا

نصب ثعلبة ب» عَدَلْتَ بهم طهية «لأنه بمعنى أَهَنْتَهم أي: عَدَلْت بهم مَنْ هو دونَهم، وأنشد أيضاً قوله:

٢١٨٦ - يا ليت ضيفَكمُ الزبيرَ وجارَكم ... إيايَ لبَّس حبلَه بحبالي

فنصب «إياي» بقوله: «لَبَّس حبله بحبالي، إذ كان معناه» خالطني وقصدني «قلت: يريد بذلك أنه منصوبٌ بفعلٍ مقدر من معنى الثاني لا من لفظه، هذا وجهُ التنظير. وإلى كون» فريقاً «منصوباً ب» هدى «و» فريقاً «منصوباً ب» حَقَّ «ذهب الفراء، وجَعَلَه نظيرَ قوله تعالى: {يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>