وليس بأجنبي منها حَدَّاً كما جاء ذلك في قوله:{والذين كَسَبُواْ السيئات جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}[يونس: ٢٧] ، فقوله:{وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} معطوفٌ على «كَسَبُوا» داخلٌ في الصلة «. قلت: هذا وإن أفاد في ما ذكر فلا يفيد في الاعتراضِ الأولِ، وهو العطفُ على موصوفِ الموصول قبل تمام صلته إذ هو أجنبيٌّ منه، وأيضاً فلا نُسَلِّم أن هذه الآية نظيرُ آيةِ يونس فإن الظاهرَ في آية يونس أنه ليس فيها فصلٌ بين أبعاضِ الصلة. قوله:{جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} معترض، و» ترهقهم «عطف على» كَسَبوا «قلنا ممنوع، بل {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} هو خبر الموصول فيُعْترض بعدم الرابط بين المبتدأ والخبر، فيُجاب بأنه محذوفٌ، وهو مِنْ أحسنِ الحذوفِ لأنه مجرور ب مِنْ التبعيضية، وقد نصَّ النحاة على أن ما كان كذلك كَثُر حَذْفُه وحَسُنَ، والتقدير: والذين كسَبُوا السيئاتِ جزاءُ سيئة منهم بمثلها، فجزاءُ سيئةٍ مبتدأ و» منهم «صفتُها، و» بمثلها «خبره، والجملةُ خبرُ الموصولِ وهو نظيرُ قولِهم:» السَّمْن مَنَوان بدرهم «أي: منوان منه، وسيأتي لهذه/ الآية مزيد بيان.
ومنع مكي أن يتعلق {فِي الحياة الدنيا} بزينة قال:» لأنها قد نُعِتت والمصدر واسم الفاعل متى نُعِتا لا يعملان لبُعْدهما عن شبه الفعل «قال:» ولأنه يُفَرَّق بين الصلة والموصول؛ لأنَّ نعت الموصول ليس من صلته «.
قلت: لأن «زينة» مصدر فهي في قوة حرفٍ موصولٍ وصلته، وقد تقرَّر أنه لا يُتْبع الموصولُ إلا بعد تمام صلته. فقد تحصَّل في تعلُّق «للذين آمنوا» ثلاثةُ أوجه: إمَّا أَنْ يتعلَّق بخالصة، أو بمحذوفٍ على أنها خبرٌ، أو بمحذوفٍ على أنها للبيان. وفي تعلُّق {فِي الحياة الدنيا} سبعةُ أوجهٍ أحدها: أن يتعلَّق بآمنوا.