إلى المفردِ منها. وقوله «فَمَنْ» يُحتمل أن تكون «مَنْ» شرطيةً، وأن تكونَ موصولةً. فإن كان الأولَ كانت هي وجوابُها جواباً للشرطِ الأول، وهي مستقلةٌ بالجواب دون الجملة التي بعد جوابها، وهي «والذين كَذَّبوا» ، وإن كان الثاني كانت هي وجوابُها والجملة المشار إليها كلاهما جواباً للشرط، كأنه قَسَّم جوابَ قوله:«إمَّا يأتينَّكم» إلى مُتَّقٍ ومُكَذِّب وجزاء كل منهما. وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في البقرة.
وحَذَفَ مفعولَيْ «اتَّقى وأصلحَ» اختصاراً للعِلْم بهما أي: اتَّقى ربَّه وأصلح عمله، أو اقتصاراً أي: فَمَنْ كان من أهل التقوى والصلاح، من غير نظرٍ إلى مفعول كقوله:{وَأَنَّهُ هُوَ أغنى وأقنى}[النجم: ٤٨] ولكن لا بد من تقديرِ رابطٍ بين هذه الجملةِ وبين الجملةِ الشرطية، والتقدير: فَمَنْ اتَّقى منكم والذين كَذَّبوا منكم.
وقرأ أُبَيُّ والأعرجُ «تأتينَّكم» بتاء مثناة من فوق، نظراً إلى معنى جماعة الرسل، فيكونُ قوله تعالى:«يَقُصُّون» بالياء من تحت حَمْلاً على المعنى؛ إذ لو حُمل على اللفظ لقال:«تَقُصُّ» بالتأنيث أيضاً.