المشارِ إليهما. ويجوز أن يكونَ حالاً من الضمير في «خَلَتْ» إذ هو ضميرُ الأمم. وقُدِّمَتْ/ الجنُّ على الإِنس لأنهم الأصلُ في الإِغواء.
وقوله «حتى» هذه غاية لما قبلها، والمعنى: أنهم يدخلون فوجاً فوجاً لاعناً بعضُهم لبعض إلى انتهاء تداركهم فيها. والجمهور قرؤوا «إذا ادَّاركوا» بوصل الألف وتشديد الدال، والأصلُ: تداركوا، فلما أريد إدغامُه فُعِل به ما فُعِل بادَّارَأْتم. وقد تقدَّم تحقيقُ تصريفه في البقرة.
قال مكي:«ولا يُسْتطاع اللفظُ بوزنها مع ألف الوصل؛ لأنَّك تَرُدُّ الزائد أصلياً فتقول: افَّاعلوا، فتصير تاء تفاعَل فاءَ الفعل لإِدغامها في فاء الفعل، وذلك لا يجوز فإنْ وَزَنْتَها على الأصل فقلت: تَفَاعلوا جاز» . قلت: هذا الذي ذَكَر مِنْ كونه لا يمكن وزنُه إلا بالأصل وهو تفاعلوا ممنوع. قوله:«لأنك تَرُدُّ الزائدَ أصلياً» قلنا: لا يلزم ذلك لأنَّا نَزِنُه بلفظِه مع همزةِ الوصل ونأتي بتاء التفاعل بلفظها فنقول: وزنُ ادَّاركوا اتْفاعَلوا فيُلْفَظُ بالتاءِ اعتباراً بأصلها لا بما صارت إليه حالَ الإِدغام.
وهذه المسألةُ نَصُّوا على نظيرها وهو أن تاءَ الافتعال إذا أُبْدلت إلى حرف مجانس لما قبلها. . . تُبْدَلُ طاءً أو دالاً في نحو: اصطبر واضطرب وازدجر وادَّكر، إذا وُزِن ما هي فيه قالوا: يُلْفَظُ في الوزن بأصل تاء الافتعال، ولا يُلْفَظُ بما صارَتْ إليه من طاء أو دال، فتقول: وزن اصطبر افتعل لا افطعل، ووزن ازدَجَر افتعل لا افدعل، فكذلك تقول هنا: وزن ادَّاركوا اتْفاعلوا لا افَّاعلوا، فلا فرقَ بين تاء الافتعال والتفاعل في ذلك.