حالاً عنهما؟ وهو واضح. وأمَّا الأولُ فلأنَّ معنى الإِضافة لا يعمل إلا إذا أمْكن تجريدُ المضاف وإعمالُه فيما بعده رفعاً أو نصباً. قلت: قد تقدم غيرَ مرة أن الحالَ تأتي من المضاف إليه إذا كان المضاف جزءاً من المضاف إليه لمَدْرَكٍ آخر لا لِما ذكره أبو البقاء من أنَّ العامل هو معنى الإِضافة، بل العامل في الحال هو العامل في المضاف وإن كانت الحالُ ليست منه؛ لأنهما لما كانا متضايفَيْنِ وكانا مع ذلك شيئاً واحداً ساغ ذلك.
والغِلُّ: الحِقْد والإِحْنَةُ والبغض، وكذلك الغُلول. وجمع الغِلّ غلال. والغُلول: الأَخْذُ في خُفْية، وأحسنُ ما قيل أن ذلك من لفظ الغِلالة كأنه تَدَرَّع ولبس الحقد والخيانة حتى صار إليه كالغِلالة الملبوسة.
قوله:{لولا أَنْ هَدَانَا} أَنْ وما في حَيِّزها في محل رفع بالابتداء، والخبرُ محذوفٌ على ما قَدَّرْته غير مرة، وجواب «لولا» مدلول عليه بقوله: «وما كنا» تقديره: لولا هدايةٌ لنا موجودة لشَقِيْنا أو ما كنا مهتدين. و «لقد جاءت» جواب قسم مقدر. و «بالحق» يجوز أن تكون الباءُ للتعدية، فبالحق مفعولٌ معنى، ويجوز أن تكون للحال أي: جاؤوا ملتبسين بالحق.
قوله:{أَن تِلْكُمُ} يجوز أن تكون المفسِّرة، فَسَّرَت النداء وهو الظاهر بما بعدها. ويجوز أن تكون المخففةَ، واسمُها ضمير الأمر محذوفاً، وأن وما بعدها في محل نصب أو جر؛ لأنَّ الأصلَ: بأن تلكم، وأشير إليها بإشارة البعيد لأنهم وُعِدوها في الدنيا. وعبارة بعضهم «هي إشارة لغائبة»[فيها] مسامحة لأنَّ الإِشارة لا تكون إلا لحاضر، ولكن العلماء تُطْلق على البعيد غائباً مجازاً.