الذين كَذَّبوا شُعَيْباً هم المخصوصون بأن أُهْلِكوا واسْتُؤْصلوا، كأنْ لم يُقيموا في دارهم، لأنَّ الذين اتَّبعوا شعيباً قد أنجاهم الله تعالى» . قلت: قوله «يفيد الاختصاص» هو معنى قولِ الأصوليين: «يفيد الحصر» على خلاف بينهم في ذلك، إذا قلت:«زيد العالم» ، والخلافُ في قولك «العالم زيد» أشهرُ منه فيما تقدَّم فيه المبتدأ.
الثاني: أن الخبرَ هو نفسُ الموصول الثاني وخبره، / فإن الموصول الثاني مبتدأ، والجملةُ من قوله {كَانُواْ هُمُ الخاسرين} في محل رفع خبراً له، وهو وخبرهُ خبر الأول، و {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ} : إمَّا اعتراضٌ وإمَّا حالٌ من فاعل «كذَّبوا» . الثالث: أن يكونَ الموصولُ الثاني خبراً بعد خبرٍ عن الموصول الأول، والخبرُ الأولُ الجملةُ التشبيهية كما تقدَّم. الرابع: أن يكونَ الموصولُ بدلاً مِنْ قولِه قبلُ {الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ}[الأعراف: ٩٠] كأنه قال: «وقال الملأُ الذين كفروا منهم الذين كذَّبوا شُعَيْباً» وقوله: {لَئِنِ اتبعتم شُعَيْباً} معمولٌ للقول فليس بأجنبي. الخامس: أنه صفةٌ له أي: للذين كفروا مِنْ قومه. هذه عبارةُ أبي البقاء، وتابعه الشيخ عليها. والأحسنُ أن يُقال: بدلٌ من الملأ أو نعتٌ له، لأنه هو المحدِّثُ عنه والموصولُ صفةٌ له، والجملةُ التشبيهيةُ على هذين الوجهين حالٌ من فاعل «كذَّبوا» .
وأما الموصولُ الثاني فقد تقدَّم أنه يجوزُ أن يكونَ خبراً باعتبارين: أعني كونَه أولَ أو ثانياً، ويجوز أن يكونَ بدلاً من فاعل «يَغْنَوا» أو منصوباً بإضمار «أعني» أو مبتدأ وما بعده الخبر. وهذا هو الظاهر لتكونَ كلُّ جملة مستقلةً