وقرأ مجاهد «نَهْدِ» بنون العظمة و «أنْ» مفعول فقط، و «أنْ» هي المخففةُ من الثقيلة، «ولو» فاصلةٌ بينها وبين الفعل، وقد تقدَّم أن الفصلَ بها قليلٌ. و «نشاء» وإن كان مضارِعاً لفظاً فهو ماضٍ معنىً؛ لأنَّ «لو» الامتناعيةَ تخلِّصُ المضارع للمضيّ. وفي كلامِ ابنِ الأنباري خلافُه فإنه قال في «ونطبعُ» : «هذا فعلٌ مستأنف ومنقطع مما قبله، لأنَّ قولَه» أَصَبْنا «ماضٍ و» نَطْبع «مستقبل ثم قال:» ويجوز أن يكونَ معطوفاً على «أَصَبْنا» إذ كان بمعنى نُصيب، والمعنى: لو يشاء يصيبهم ويطبع، فَوَضَع الماضي موضع المستقبل عند وضوح معنى الاستقبال كقوله تعالى:{إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ}[الفرقان: ١٠] أي: يجعل، بدليل قوله «ويجعل لك» . قلت: فهذا ظاهرٌ قويٌّ في أنَّ «لو» هذه لا تخلِّصُ المضارع للمضيّ، وتنظيرُه بالآيةِ الأخرى مُقَوٍّ له أيضاً، وسيأتي تحقيق ذلك عند قوله «ونطبع» .
وقال الفراء:«وجاز أن تَرُدَّ» يَفْعل «على فَعَلَ في جواب» لو «كقوله: {وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ}[يونس: ١١] قوله:» فَنَذَرُ «مردودٌ على» لقُضِي «. قلت: وهذا هو قول الجمهور، ومفعولُ» يشاء «محذوفٌ لدلالة جواب» لو «عليه، والتقدير: لو يشاء تعذيبَهم أو الانتقامَ منهم. وأتى/ جوابُها بغير لام وإن كان مبنيَّاً على أحد الجائزين، وإن كان الأكثرُ خلافَه، كقوله تعالى:{لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً}[الواقعة: ٧٠] .