على» «أرسلت» وقال أخيراً: «لأنهم غَفَلوا عن تعليق» على «ب» رسول «. فأمَّا هذا الأخيرُ فلا يجوز عند البصريين لأنَّ» رسولاً «قد وُصِف قبل أن يأخَذَ معمولَه، وذلك لا يجوز، وأمَّا تعليقُه بأرسلت مقدَّراً لدلالةِ لفظ» رسول «عليه فهو تقديرٌ سائغ. ويُتَأَوَّل كلامه أنه أراد بقوله تُعَلَّقُ» على «ب» رسول «أنه لمَّا كان دالاًّ عليه صَحَّ نسبةُ التعلُّق له» قلت: قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة بعد ما ذكر هذا الوجهَ عن ابن مقسم: «والأوجهُ الأربعة التي للزمخشري. ولكن هذه وجوه متعسِّفة، وليس المعنى إلا على ما ذكرته أولاً، يعني وجه ابن مقسم، وهذا فيه الإِشكالُ الذي ذكره الشيخ من إعمالِ اسم الفاعلِ أو الجاري مَجْراه وهو موصوف.
وقراءةُ نافعٍ واضحةٌ وفيها ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكونَ الكلامُ قد تمَّ عند قولِه» حقيق «، و» عليَّ «خبر مقدم، و» أنْ لا أقول «مبتدأ مؤخَّر كأنه قيل: عليَّ عدمُ قول غير الحق أي: فلا أقول إلا الحق. الثاني: أن يكون» حقيق «خبراً مقدَّماً، و» أن لا أقول «مبتدأٌ على ما تقدَّم بيانه. الثالث:» أَنْ لا أقول «فاعِلٌ ب» حقيق «كأنه قيل: يحقُّ ويجب أن لا أقول، وهذا أَعْرَبُ الوجوهِ لوضوحه لفظاً ومعنى، وعلى الوجهين الأخيرين تتعلَّق» عليَّ «ب» حقيق «لأنك تقول:» حَقَّ عليه كذا «. قال تعالى:{أولئك الذين حَقَّ عليهم القولُ} . وعلى الوجهِ الأولِ يتعلَّقُ بمحذوفٍ على ما عُرِفَ غيرَ مرة.
وأمَّا رفع» حقيق «فقد تقدَّم أنه يجوزُ أن يكون خبراً مقدماً، ويجوزُ أن يكونَ صفةً ل» رسول «، وعلى هذا فيضعف أن يكون» مِنْ رب «صفةً لئلا يلزمَ تقديمُ الصفةِ غيرِ الصريحة على الصريحة، فينبغي أن يكونَ متعلَّقاً بنفس» رسول «، وتكون» مِنْ «لابتداء الغاية مجازاً.