قلت: قد قال الزجاجي:» المدن في الحقيقة جمع المَدِين، لأن المدينة لا تُجمع على مُدُن، ولكن تجمع على المدائن ومثل هذا: سُفُن كأنهم جمعوا سفينة على سفين ثم جمعوه على سُفُن «. ولا أدري ما حَمَله على جَعْل مُدُن جمع مدين، ومدين جمع مدينة مع اطِّراد فُعُل في فعيلة لا بمعنى مَفْعولة، اللهم إلا أن يكونَ قد لَحَظَ في مدينة أنها فعيلة بمعنى مفعولة لأنَّ معنى مدينة أن يُمْدَن فيها أي: يُقام، ويؤيد هذا ما سيأتي من أن مدينة وزنُها في الأصل مَدْيُوْنة عند بعضهم.
القول الثاني: أن وزنها مَفْعِلة مِنْ دانه يَدينه أي: ساسه يَسُوسه فمعنى مدينة أي: مملوكة ومَسُوسة أي: مسوسٌ أهلُها، مِنْ دانهم مَلِكُهم إذا ساسهم، وكان ينبغي أن يُجمع على مداين بصريح الياء كمعايش في مشهور لغة العرب.
الثالث: أن وزنها مَفْعولة وهو مذهب أبي العباس. قال: «هي مِنْ دانه يَدينه إذا ملكه وقَهَره، وإذا كان أصلُها مَدْيونة فأُعِلَّت كما يُعَلُّ مَبِيع اسمَ مفعول من البيع، ثم يجري الخلافُ في المحذوف: هل هو الياءُ الأصلية أو الواو الزائدة؟ الأول قول الأخفش، والثاني قولُ المازني وهو مذهب جماهير النحاة. والمدينة معروفةٌ وهي البقعة المُسَوَّرة المستولي عليها مَلِكٌ.