ميقاتُ ربه «ثم أسند التمام إلى ميقات، وانتصب» أربعون «على التمييز، فهو منقولٌ من الفاعلية» يعني فيكون كقولِه: {واشتعل الرأس شَيْباً}[مريم: ٤] وهذا الذي قاله وجَعَلَه هو الذي يظهر يُشكل بما ذكره هو في الردِّ على الحوفي، حيث قال هناك:«إن الثلاثين لم تكن ناقصةً فتتمَّ» كذلك ينبغي أن يُقالَ هنا إن الأربعين لم تكن ناقصةً فتتمَّ، فكيف يُقَدِّر «فتمَّ أربعون ميقات ربه» ؟ فإنْ أجابَ هنا بجواب فهو جوابٌ هناك لِمَنْ اعترض عليه.
وقوله:{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ} في هذه الجملة قولان، أظهرهُما: أنها للتأكيد لأنَّ قولَه قبل ذلك «وأَتْمَمْناها بعشر» فُهِم أنها أربعون ليلةً. وقيل: بل هي للتأسيس لاحتمالِ أن يَتَوَّهم متوهِّم بعشر ساعات أو غير ذلك، وهو بعيدٌ جداً.
قوله:«ربِّه» ولم يقل: ميقاتنا جَرْياً على «واعَدْنا» لِما في إظهار هذا الاسم الشريف من الاعترافِ بربوبية الله له وإصلاحه له.
قوله «هارونَ» الجمهورُ على فتح نونه وفيه ثلاثة أوجه. الأول: أنه مجرورٌ بدلاً من «أخيه» الثاني: أنه عطفُ بيان له. الثالث: أنه منصوبٌ بإضمار أعني. وقرئ شاذاً «هارونُ» بالضم وفيه وجهان أحدهما: أنه منادى حُذف منه حرفُ النداء، أي: يا هرون كقوله: {يُوسُفُ أَعْرِضْ}[يوسف: ٢٩] . والثاني: أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هو هارون، وهذا في المعنى كالوجه الذي تقدَّم من أنه منصوبٌ بإضمار أعني فإنَّ كليهما قطع. وقال أبو البقاء:«ولو قرئ بالرفع» فذكرهما، كأنَّه لم يطَّلِعْ على أنها قراءة.