و» مِنْ «للتبعيض، أي: كتبنا له أشياء من كل شيء، وانتصب» مَوْعِظة وتفصيلاً «على المفعول من أجله، أي: كتبنا له تلك الأشياءَ للاتِّعاظ وللتفصيل» قلت: والظاهر أن هذا الوجهَ هو الذي أراده الزمخشري فليس وجهاً ثالثاً.
قوله:«بقوة» حالٌ: إمَّا من الفاعل، أي: ملتبساً بقوة، وإمَّا من المفعول، أي: ملتبسةً بقوة، أي: بقوة دلائلها وبراهينها، والأولُ أوضحُ. والجملةُ مِنْ قوله «فَخُذْها» يُحتمل أن تكونَ بدلاً من قوله «فخُذْ ما آتيتك» وعاد الضميرُ على معنى «ما» لا على لفظِها. ويحتمل أن تكونَ منصوبةً بقول مضمر، ذلك القولُ منسوقٌ على جملة «كتبنا» والتقدير: وكتبنا فقلنا: خُذْ ما. والضميرُ على هذا عائدٌ على الألواح، أو على التوراة، أو على الرسالات، أو على كل شيء لأنه في معنى الأشياء.
قوله:{يَأْخُذُواْ} الظاهرُ أنه مجزومٌ جواباً للأمر في قوله «وَأْمُرْ» . ولا بدَّ مِنْ تأويله لأنه لا يلزمُ مِنْ أمره إياهم بذلك أن يأخذوا، بدليلِ عصيانِ بعضِهم له في ذلك، فإنَّ شَرْط ذلك انحلال الجملتين إلى شَرْطٍ وجزاء. وقيل: انجزم على إضمار اللام تقديره: ليأخذوا، كقوله:
٢٢٨٩ - محمدٌ تَفْدِ نفسَك كلُّ نفسٍ ... إذا ما خِفْتَ مِنْ أمرٍ تَبالا
وهو مذهبُ الكسائي، وابنُ مالك يرى جَوازه إذا كان في جواب «قل» ، وهنا لم يُذكر «قل» ولكن ذُكِر شيءٌ بمعناه؛ لأن معنى «وَأْمُرْ» و «قل» واحد.