أبو شامةَ:«وقد أكثر المصنفون في القراءات والتفاسير من الترجيحِ بين هاتين القراءتين، حتى إنَّ بعضَهُم يُبالِغُ في ذلك إلى حدٍّ يكاد يُسْقِطُ وجهَ القراءة الأخرى، وليس هذا بمحمودٍ بعد ثبوتِ القراءتين وصحةِ اتصافِ الربِّ تعالى بهما، ثم قال:» حتى إني أُصَلِّي بهذه في رَكْعةٍ وبهذه في رَكْعةٍ «ذكر ذلك عند قوله:» مَلِك يوم الدين ومالِك «.
وَلْنذكرْ بعضَ الوجوه المرجِّحة تنبيهاً على معنى اللفظ لا على الوجهِ الذي قَصَدوه. فمِمَّا رُجِّحَتْ به قراءةُ» مالك «أنها أمْدَحُ لعمومِ إضافتِه، إذ يقال:» مالِكُ الجِّن والإِنس والطير «، وأنشدوا على ذلك:
وقالوا: «فلانٌ مالكُ كذا» لمَنْ يملكه، بخلاف «مِلك» فإنه يُضاف إلى غيرِ الملوك نحو: «مَلِك العرب والعجم» ، ولأنَّ الزيادةَ في البناءِ تدلُّ على الزيادةِ في المعنى كما تقدَّم في «الرحمن» ، ولأنَّ ثوابَ تالِيها أكثرُ من ثواب تالي «مَلِك» .
وممَّا رُجِّحَتْ به قراءةُ «مَلِك» ما حكاه الفارسي عن ابن السراج عن بعضِهم أنه وصَفَ نفسَه بأنه مالكُ كلِّ شيء بقوله: {رَبِّ العالمين} فلا فائدةَ في قراءةِ مَنْ قَرَأَ: «مالك» لأنها تكرارٌ، قال أبو عليّ: «ولا حُجَّة فيه لأنَّ في التنزيل مِثلَه كثيراً، يُذْكَرُ العامُّ ثم الخاصُّ، نحو: {هُوَ الله الخالق