القُرْفُصاء من قولك:«قَعَدَ القُرْفُصاء» ، «واشتمل الصَمَّاء» ، فإنها نوعٌ من الرؤيةِ، وبه بدأ الزمخشري. والثاني: أنها مصدرٌ واقعٌ موقعَ الحالِ، وفيها حينئذ أربعةُ أقوالٍ، أحدُهما: أنه حالٌ من فاعل «نرى» أي: ذوي جَهْرَةٍ، قاله الزمخشري. والثاني: أنَّها حالٌ من فاعل «قُلْتم» ، أي: قلتم ذلك مجاهِرين، قاله أبو البقاء، وقال بعضُهم: فيكونُ في الكلامِ تقديمٌ وتأخيرٌ، أي: قُلْتم جهرةً لن نؤمِنَ لك، ومثلُ هذا لا يُقال فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، بل أتى بمفعولِ القولِ ثم بالحالِ من فاعِلِه، فهو نظيرُ:«ضَرَبْتُ هنداً قائماً» . والثالثُ: أنَّها حَالٌ من اسمِ اللهِ تعالى، أي: نَرَاه ظاهراً غيرَ مستورٍ. والرابعُ: أنَّها حالٌ من فاعلِ «نؤمن» نقله ابنُ عطية، ولا معنى له، والصحيحُ من هذه الأقوالِ الستةِ الثاني.
وقرأ ابنُ عباس «جَهَرَةً» بفتح الهاء وفيها قولان، أحدُهما: أنها لغةٌ في جَهْرة، قال ابن عطية:«وهي لغةٌ مسموعةٌ عند البصريين فيما فيه حَرْفُ الحلقِ ساكنٌ قد انفتح ما قبله، والكوفيون يُجيزون فيه الفتحَ وإنْ لَمْ يَسْمعوه» ، وقد تقدَّم تحريرُ القولِ في ذلِك. والثاني: أنها جمعُ «جاهر» ، نحو: خادِم وخَدَم والمعنى: حتى نرى الله كاشفين هذا الأمر، وهي تُؤَيِّدُ كونَ «جهرةً» حالاً من فاعل «نَرى» .