للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظاهرُ قراءةِ مَنْ قرأ: «مَلَكَ يومَ الدينِ» فعلاً ماضياً فإن ظاهرَها كونُ «يوم» مفعولاً به. والإضافة على معنى اللام لأنها الأصل، ومنهم مَنْ جعلها في هذا النحو على معنى «في» مستنداً إلى ظاهر قوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اليل والنهار} [سبأ: ٣٣] ، قال: «المعنى مَكْرٌ في الليل، إذ الليل لا يُوصَف بالمكرِ، إنما يُوصَفُ به العقلاءُ، فالمكرُ واقعٌ فيه» . والمشهورُ أن الإِضافةَ: إمَّا على معنى اللام وإمَّا على معنى «مَنْ» ، وكونها بمعنى «في» غيرُ صحيح. وأمَّا قولُه تعالى: {مَكْرُ اليل} فلا دَلالةَ فيه، لأن هذا من باب البلاغة، وهو التجوُّزُ في أَنْ جَعَلَ ليلَهم ونهارَهم ماكِرَيْنِ مبالغةً في كثرةِ وقوعِه منهم فيهما، فهو نظيرُ قولهم: نهارُه صائمٌ وليلُه قائم، وقولِ الشاعر:

٥٠ - أمَّا النهارُ ففي قَيْدٍ وسِلْسِلَةٍ ... والليلُ في قَعْرِ منحوتٍ من السَّاجِ

لمًّا كانت هذه الأشياءُ يكثرُ وقوعُها في هذه الظروفِ وَصَفُوها بها مبالغةً في ذلك، وهو مذهبٌ حَسَنٌ مشهورٌ في كلامهم.

واليومُ لغةً: القطعةُ من الزمان أيِّ زمنٍ كانَ من ليلٍ أو نهار، قال تعالى: {والتفت الساق بالساق إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق} [القيامة: ٢٩-٣٠] ، وذلك كنايةٌ عن احتضارِ الموتى، وهو لا يختصُّ بليل ولا نهار، وأمَّا/ في العُرْف فهو من طلوعِ الفجرِ إلى غروب الشمس. وقال الراغب: «اليومُ نعبِّر به عن وقت طلوعِ الشمس إلى غروبها» ، قلت: وهذا إنما ذكروه في النهارِ لا في اليوم، وجعلوا الفرقَ بينهما ما ذكرت لك.

<<  <  ج: ص:  >  >>