وإنْ أهلكْنا أنفسنا. وجاء بلفظ الغائب لأنه مُخْبِرٌ عنهم، ألا ترى أنه لو قيل: سَيَحْلِفون بالله لو استطاعوا لخرجوا لكان سديداً، يقال: حَلَفَ بالله ليفعلن ولأفعلن، فالغيبةُ على حكم الإِخبار، والتكلمُ على الحكاية «.
قال الشيخ: «أمَّا كونُ» يُهْلِكون «بدلاً مِنْ» سَيَحْلِفون «فبعيدٌ؛ لأنَّ الإِهلاكَ ليس مُرادِفاً للحَلف ولا هو نوع منه، ولا يُبدل فِعْلٌ من فعل إلا إنْ كان مرادفاً له أو نوعاً منه» قلت: يَصِحُّ البدل على معنى أنه بدلُ اشتمال؛ وذلك لأنَّ الحَلْفَ سببٌ للإِهلاك فهو مشتملٌ عليه، فأبدل المُسَبَّب مِنْ سببِه لاشتمالِه عليه، وله نظائرُ كثيرةٌ منها قولُه:
٢٤٨٧ - إنَّ عليَّ اللَّهَ أن تُبايعا ... تُؤْخَذَ كَرْهاً أو تجيءَ طائعاً
ف «تُؤْخَذ» بدلٌ مِنْ «تبايع» بدلُ اشتمالٍ بالمعنى المذكور، وليس أحدهما نوعاً من الآخر. ثم قال الشيخ:«وأمَّا كونُه حالاً من قوله» لخرجنا « [فالذي يظهرُ أن ذلك لا يجوز لأنَّ قولَه» لخَرَجْنا «] فيه ضمير المتكلم، فالذي يجري عليه إنما يكون بضمير المتكلم، فلو كان حالً من فاعل» لخَرَجنا «لكان التركيبُ: نُهْلك أنفسنا أي مهلكي أنفسنا. وأمَّا قياسُه ذلك على» حَلَفَ زيد ليفعلن «و» لأفعلنَّ «فليس بصحيحٍ؛ لأنَّه إذا أَجْراه على ضمير الغيبة لا يَخْرُجُ منه إلى ضمير المتكلم، لو قلت:» حَلَفَ زيد ليفعلن وأنا قائم «على أن يكون» وأنا قائم «حالاً من ضمير» ليفعلن «لم يجز، وكذا عكسُه نحو:» حَلَفَ زيدٌ لأفعلن يقوم «تريد: قائماً لم يجز. وأمَّا قولُه» وجاء به على لفظِ الغائب لأنه مُخْبَرٌ عنهم «فمغالطة، ليس مخبراً عنهم بقوله {لَوِ استطعنا لَخَرَجْنَا} ، بل هو حاكٍ لفظَ قولِهم. ثم قال:» ألا ترى لو قيل: لو استطاعوا