وقيل: الخطابُ للمؤمنين، وبهذه التقادير الثلاثةِ يختلف معنى الاستفهام: فعلى الأول يكونُ الاستفهامُ للتقريع والتوبيخ، وعلى الثاني يكون للتعجبِ مِنْ حالِهم، وعلى الثالث يكون للتقرير.
والعِلْم هنا يُحْتمل أن يكون على بابِه فتسدَّ «أَنْ» مسدَّ مفعولَيْن عند سيبويه، ومسدَّ أحدِهما والآخرُ محذوفٌ عند الأخفش، وأن يكونَ بمعنى العرفان فتسدَّ «أنَّ» مسدَّ مفعول. و «مَنْ» شرطية و {فَأَنَّ لَهُ نَارَ} جوابُها، وفتحت «أنَّ» بعد الفاء لِما عُرِف في الأنعام والجملة الشرطيةُ في محلِّ رفعٍ خبرِ «أنَّ» الأولى.
وهذا تخريجٌ واضحٌ وقد عدل عن هذا الواضحِ جماعةٌ إلى وجوهٍ أُخرَ فقال الزمخشري:«ويجوز أن يكونَ» فأنَّ له «معطوفاً على» أنه «على أنَّ جوابَ» مَنْ «محذوفٌ تقديره: ألم يعلموا أنَّه مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ ورسولَه يُهْلَكْ فأنَّ له» . وقال الجرمي والمبرد:«أنَّ» الثانيةُ مكررةٌ للتوكيد كأن التقدير: فله نارُ جهنم، وكُرِّرت «أنَّ» توكيداً. وشبَّهه أبو البقاء بقوله تعالى:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السواء}[النحل: ١١٩] ، ثم قال:{إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا} قال: «والفاءُ على هذا جوابُ الشرط» .
وقد رَدَّ الشيخ على الزمخشري قولَه بأنهم نصُّوا على أنه إذا حُذِف جوابُ الشرط لَزِم أن يكونَ فعلُ الشرط ماضياً أو مضارعاً مقروناً ب «لم» ،