للنبي عليه السلام، وأن تكون للغَيْبة، والفاعل ضمير الصدقة. فعلى الأولِ تكونُ الجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحال مِنْ فاعل «خذ» . ويجوز أيضاً أن تكونَ صفةً ل «صدقةً» ، ولا بد حينئذ من حذف عائد تقديره تطهِّرهم بها. وحُذِف «بها» لدلالة ما بعده عليه. وعلى الثاني تكون الجملة صفةً لصدقة ليس إلا. وأما «وتُزَكّيهم» فالتاءُ فيه للخطاب لا غير لقوله «بها» فإن الضميرَ يعود على الصدقة فاستحالَ أن يعودَ الضمير مِنْ «تزكِّيهم» إلى الصدقة، وعلى هذا فتكون الجملةُ حالاً مِنْ فاعل «خُذْ» على قولنا إنَّ «تُطَهِّرهم» حال منها وإن التاء فيه للخطاب. ويجوز أيضاً أن تكون صفة إن قلنا إن «تطهِّرهم» صفةٌ، والعائدُ منها محذوفٌ.
وجَوَّز مكي أن يكون «تُطَهِّرهم» صفةً لصدقة على أن التاء للغيبة، و «تُزَكِّيهم» حالاً من فاعل «خُذْ» على أن التاء للخطاب. وقد رَدُّوه عليه بأن الواوَ عاطفةٌ أي: صدقةً مطهِّرةً ومُزَكَّيَاً باه، ولو كان بغير واوٍ جاز. قلت: ووجهُ الفسادِ ظاهرٌ فإن الواوَ مُشَرِّكَةٌ لفظاً ومعنى، فلو كانت «وتزكيهم» عطفاً على «تُطَهِّرهم» لَلَزِمَ أن تكونَ صفةً كالمعطوف عليه، إذ لا يجوز اختلافُهما، ولكن يجوزُ ذلك على أن «تزكِّيهم» خبر مبتدأ محذوف، وتكون الواوُ للحال تقديره: وأنت تزكِّيهم. وفيه ضعفٌ لقلةِ نظيرِه في كلامهم.
فتلخَّص من ذلك أن الجملتين يجوز أن تكونا حالَيْن من فاعل «خُذْ» على أن تكونَ التاءُ للخطاب، وأن تكونا صفتين لصدقة، على أن التاء للغيبة، والعائد محذوفٌ من الأولى، وأن تكون «تطهِّرهم» حالاً أو صفةً، و «تزكِّيهم» حالاً على ما جَوَّزه مكي، وأن تكونَ «تزكِّيهم» خبرَ مبتدأ محذوف، والواوُ للحال.