قوله:{كَادَ يَزِيغُ} ، قرأ حمزة وحفص عن عاصم «يزيغ» بالياء من تحت، والباقون بالتاء من فوق. فالقراءةُ الأولى تحتمل أن يكونَ اسمُ «كاد» ضميرَ الشأن، و «قلوب» مرفوعٌ بيزيغ، والجملةُ في محلِّ نصبٍ خبراً لها، وأن يكونَ اسمُها ضميرَ القوم، أو الجمع الذي دلَّ عليه ذِكْرُ المهاجرين والأنصار، ولذلك قَدَّره أبو البقاء وابنُ عطية:«من بعد كاد القوم» ، وقال الشيخ في هذه القراءةِ:«فيتعيَّن أن يكون في» كاد «ضميرُ الشأن وارتفاعُ» قلوب «بيزيغ لامتناعِ أن يكون» قلوب «اسمَ كاد، و» يزيغ «في موضع الخبر، لأنَّ النيةَ به التأخير، / ولا يجوز: مِنْ بعد كاد قلوب يزيغ بالياء» . قلت: لا يتعين ما ذكر في هذه القراءة لِما تقدَّم لك من أنه يجوز أن يكونَ اسمُ كاد ضميراً عائداً على الجمع أو القوم، والجملةُ الفعلية خبرها، ولا محذور يمنع من ذلك. وقوله:«لامتناع أن يكون» قلوب «اسم كاد» ، يعني أنَّا لو جَعَلْنا «قلوب» اسمَ «كاد» لَزِم أن يكون «يزيغ» خبراً مقدماً فيلزم أن يرفعَ ضميراً عائداً على «قلوب» ، ولو كان كذلك لَلَزِم تأنيثُ الفعل لأنه حينئذٍ مسندٌ إلى ضمير مؤنث مجازي؛ لأن جمعَ التكسير يجري مجرى المؤنثة مجازاً.
وأمَّا قراءة التاء من فوق فتحتمل أن يكون في «كاد» ، ضميرُ الشأن، كما تقدم، و «قلوب» مرفوعٌ بتزيغ، وأُنِّث لتأنيث الجمع، وأن يكون «قلوب» اسمَها، و «تزيغ» خبر مقدم ولا محذورَ في ذلك، لأن الفعلَ قد أُنِّث. قال