للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسُّمُوا بذلك نسبةً إلى قرية يقال لها نَاصِرة، كان يَنْزِلها عيسى عليه السلام، أو لأنهم كانوا يتناصرون، قال الشاعر:

٥١٧ - لَمَّا رأيتُ نَبَطاً أَنْصارا ... شَمَّرْتُ عن رُكْبَتيَ الإِزارا

كُنْتُ لهم من النَّصارى جَارا ... والصابئُون: قومٌ عَبدوا الملائكةَ، وقيل: الكواكبَ. والجمهورُ على همزهِ، وقرأه نافعٌ غيرَ مهموز. فمَنْ هَمَزَه جَعَلَه من صَبَأَ نابُ البعير أي: خَرَجَ، وصَبَأَتِ النجومُ: طَلَعت. وقال أبو عليّ: «صَبَأْتُ على القومِ إذا طَرَأْتُ عليهم، فالصابِئُ: التارِكُ لدينِه كالصابىءِ الطارئِ على القومِ فإنه تارِكٌ لأرضِه ومنتقلُ عنها» . ومَنْ لم يَهْمَِزْ فإنه يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكونَ مأخوذاً من المهموزِ فَأَبْدَلَ من الهمزةِ حرفَ علة إمَّا ياءً أو واواً، فصارَ من باب المنقوصِ مثل قاضٍ أو غازٍ، والأصل: صابٍ، ثم جُمِع كما يُجْمع القاضي أو الغازي، إلا أنَّ سيبويه لا يرى قلبَ هذه الهمزة إلا في الشعر، والأخفشُ وأبو زيد يَرَيان ذلك مطلقاً. الثاني: أنه من صَبَا يَصْبو إذا مال، فالصابي كالغازي، أصلُه، صابِوٌ فأُعِلَّ كإعلال غازٍ. وأَسْند أبو عُبَيْد إلى ابن عباس: «ما الصابُون إنما هي الصابئون، ما الخاطون إنما هي الخاطِئون» . فقد اجتمع في قراءةِ نافع همزُ النبيين وتَرْكُ همز الصابئين، وقد عَرَفْت أن العكسَ فيهما أَفْصَحُ. وقد حَمَلَ الضميرَ في قوله {مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ} على لفظِ «مَنْ» فأَفْرد، وعلى المعنى في قولِه: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} على المعنى، فَجَمَع كقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>