بالفسادِ والإِمعان فيه، مِنْ «بغى الجرحُ: إذا ترامى للفساد» . ولذلك قال الزجاج:«إنه الترقّي في الفساد» ، وقال الأصمعيُّ أيضاً:«بغى الجرحُ: ترقى إلى الفساد، وبَغَت المرأة: فَجَرَت» ، قال الشيخ/ «ولا يَصِحُّ أن يُقال في المسلمين إنهم باغُون على الكفرة، إلا إنْ ذُكر أنَّ صلَ البغيِ هو الطلبُ مطلقاً، ولا يتضمَّن الفسادَ، فحينئذ ينقسم إلى طلبٍ بحق وطلب بغير حق» ، قلت: وقد تقدَّم أنَّ هذه الآيةَ تَرُدُّ على الفارسي أنَّ «لمَّا» ظرف بمعنى حين؛ لأن ما بعد «إذا» الفجائية لا يَعْمل فيما قبلها، وإذ قد فَرَضَ كونَ «لمَّا» ظرفاً لزمَ أن يكونَ لها عاملٌ.
قوله:{مَّتَاعَ الحياة} قرأ حفص «متاعَ» نصباً، ونصبُه على خمسة أوجه، أحدُها: أنه منصوب على الظرف الزماني نحو «مَقْدَم الحاج» ، أي: زَمَن متاع الحياة. والثاني: أنه منصوبٌ على المصدر الواقع موقع الحال، أي: مُتَمتعين. والعاملُ في هذا الظرف وهذه الحالِ الاستقرار الذي في الخبر، وهو «عليكم» . ولا يجوزُ أن يكونا منصوبين بالمصدر لأنه يلزم منه الفصلُ بين المصدرِ ومعمولِه بالخبر، وقد تقدَّم أنه لا يُخْبَرُ عن الموصول إلا بعد تمامِ صلته. والثالث: نصبُه على المصدرِ المؤكِّد بفعلٍ مقدر، أي: يتمتعون متاع الحياة. الرابع: أنه منصوبٌ على المفعول به بفعلٍ مقدر يدلُّ عليه المصدر، أي: يبغون متاعَ الحياة. ولا جائزٌ أن ينتصِبَ بالمصدر لِما تقدم. الخامس: أن ينتصب على المفعولِ مِنْ أجله، أي: لأجلِ متاع والعامل فيه: إمَّا الاستقرارُ المقدَّرُ في «عليكم» ، وإمَّا فعلٌ مقدر. ويجوز أن يكونَ الناصبُ له حالَ جعله ظرفاً أو حالاً او مفعولاً من أجله نفسَ البغي