وإمَّا من السَّبْت وهو القطع، لأن الأشياء فيه سَبَتَتْ وتَمَّتْ خِلْقَتُها، ومنه قولُهم: سَبَتَ رأسَه أي: حَلَقه. وقال الزمخشري:«والسبتُ مصدرُ سَبَتَتِ اليهودُ إذا عَظَّمت يومَ السبتِ» وفيه نظرٌ، فإنَّ هذا اللفظ موجودٌ واشتقاقُه مذكورٌ في لسان العرب قبل فِعْل اليهودِ ذلك، الهم إلا أَنْ يريدَ هذا السبتَ الخاصَّ المذكورَ في هذه الآيةِ. والأصلُ فيه المصدرُ كما ذكرتُ، ثم سُمِّي به هذا اليومُ من الأسبوع لاتفاقِ وقوعِه فيه كما تقدَّم أنَّ خَلْقَ الأشياء تَمَّ وقُطِعَ، وقد يقال يومُ السبتِ فيكونُ مصدراً، وإذا ذُكِرَ معه اليومُ أو مع ما أشبهه من أسماءِ الأزمنة مِمَّا يتضمَّن عَمَلاً وحَدَثاً جاز نصبُ اليومِ ورفعُه نحو: اليوم الجمعةُ، اليوم العيدُ، كما يقال: اليوم الاجتماعُ والعَودُ، فإنْ ذُكِرَ مع «الأحد» وأخواتِه وَجَب/ الرفعُ على المشهورِ، وتحقيقُها مذكورٌ في كتبِ النحوِ.
قوله:{قِرَدَةً خَاسِئِينَ} يجوز فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدُها أن يكونا خبرين، قال الزمخشري:«أي: كونوا جامعين بين القِرَدِيَّة والخُسُوء» وهذا التقديرُ بناءً منه على على أنَّ الخبرَ لا يتعدَّدُ، فلذلك قَدَّرهما بمعنى خبرٍ واحدٍ من باب: هذا حُلْوٌ حامِضٌ، وقد تقدَّم القول فيه. الثاني: أن يكون «خاسئين» نعتاً لقِردة، قاله أبو البقاء. وفيه نظرٌ مِنْ حيث إن القردةَ غيرُ عقلاءَ، وهذا جَمْعُ العقلاء. فإنْ قيل: المخاطبون عُقَلاء. فالجوابُ أنّ ذلك لا يُفيد، لأنَّ التقديرَ عندكم حينئذٍ: كونوا مثلَ قِرَدةٍ مِنْ صفتِهِم الخُسُوء، ولا تعلُّقَ للمخاطَبِين بذلك، إلا أنه يمكنُ أَنْ يقالَ إنهم مُشَبَّهون بالعقلاء، كقوله: {لِي