قوله:{وَمَا يَتَّبِعُ} يجوز في «ما» هذه أن تكون نافيةً وهو الظاهرُ. و «شركاء» مفعولُ «يَتَّبع» ، ومفعولُ «يَدْعون» محذوفٌ لفَهْمِ المعنى، والتقدير: وما يتبع الذين يَدْعُون مِنْ دون الله آلهةً شركاءَ، فآلهةً مفعول «يَدْعون» و «شركاءَ» مفعول «يتبع» ، وهو قولُ الزمخشري، قال:«ومعنى وما يَتَّبعون شركاءَ: وما يتَّبعون حقيقة الشركاء وإن كانوا يُسَمُّونها شركاءَ؛ لأن شركةَ الله في الربوبيةِ مُحال، إن يتبعونَ إلا ظنَّهم أنها شركاءُ» . ثم قال:«ويجوز أن تكون» ما «استفهاماً، يعني: وأيَّ شيءٍ يَتَّبعون، و» شركاء «على هذا نُصِب ب» يدعون «، وعلى الأول ب» يَتَّبع «وكان حقُّه» وما يتبع الذين يَدْعُون من دون الله شركاءَ شركاءَ «فاقتصر على أحدهما للدلالة» .
وهذا الذي/ ذكره الزمخشري قد رَدَّه مكي ابن أبي طالب وأبو البقاء. أمَّا مكيٌّن فقال:«انتصَبَ شركاء ب» يَدْعون «ومفعول» يَتَّبع «قام مقامَه» إنْ يتبعون إلا الظنَّ لأنه هو، ولا ينتصِبُ الشركاء ب «يَتَّبع» لأنك تَنْفي عنهم ذلك، والله قد أَخْبر به عنهم «. وقال أبو البقاء:» وشركاء مفعولٌ «يَدْعون» ولا يجوزُ أن يكونَ مفعول «يتبعون» ؛ لأنَّ المعنى يَصير إلى أنَّهم لم يَتَّبعوا شركاء، وليس كذلك.
قلت: معنى كلامِهما أنه يَؤُول المعنى إلى نفي اتِّباعهم الشركاءَ، والواقعُ أنهم قد اتَّبعوا الشركاء. وجوابه ما تقدَّم من أنَّ المعنى أنهم وإن اتَّبعوا شركاءَ فليسوا بشركاءَ في الحقيقة؛ بل في تسميتهم هم لهم بذلك، فكأنهم لم يَتَّخذوا شركاءَ ولا اتَّبعوهم لسلب الصفة الحقيقية عنهم، ومثلُه قولُك:«ما رأيتُ رجلاً» ، أي: مَنْ يستحقُّ أن يُسَمَّى رجلاً، وإن كنت قد