قوله:{وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ} الجمهورُ قرؤوا برفع الباطل، وفيه ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكونَ «باطل» خبراً مقدماً، و {مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} مبتدأٌ مؤخرٌ. و «ما» تحتمل أن تكن مصدريةً، أي: وباطلٌ كونُهم عاملين، وأن تكونَ بمعنى الذي والعائد محذوف، أي: يعملونه، وهذا على أنَّ الكلامَ من عطفَ الجمل، عَطَفَ هذه الجملةَ على ما قبلها. الثاني: أن يكونَ «باطل» مبتدأً و {مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} خبرُه، هكذا قال مكي بن أبي طالب وهو لا يَبْعُدُ على الغلط، والعجبُ أنه لم يّذْكر غيره. الثالث: أن يكونَ «باطل» عطفاً على الأخبارِ قبله، أي: أولئك باطلٌ ما كانوا يعملون، و {مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فاعلٌ ب «باطل» ، ويرجح هذا ما قرأ به زيد بن علي:{وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} جعله فعلاً ماضياً معطوفاً على «حَبِط» .
وقرأ أُبَيّ وابن مسعود قال مكي:«وهي في مصحفهما كذلك» ونقلها الزمخشري عن عاصم «وباطلاً» نصباً وفيها ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه منصوبٌ ب «يعملون» و «ما» مزيدة، وإلى هذا ذهب مكي وأبو البقاء وصاحب «اللوامح» ، وفيه تقديمُ معمولِ خبرِ «كان» على «كان» وهي مسألة خلاف، والصحيحُ جوازُها كقوله تعالى:{أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ}[سبأ: ٤٠] فالظاهرُ أن «إياكم» منصوب ب «يعبدون» . والثاني: أن تكونَ «ما»