الإِضافة وقد قال الخليل:«إنَّ كلَّ إضافةٍ غيرُ محضةٍ قد تُجْعل مَحْضة إلا إضافةَ الصفةِ المشبهة فلا تتمحَّض» .
وقال مكي:«ولو جُعِلت» مجراها «و» مرساها «في موضع اسم الفاعل لكانت حالاً مقدرة، ولجازَ ذلك ولَجَعَلْتَها في موضع نصبٍ على الحال من اسم اللَّه تعالى» قلت: وقد طَوَّل مكي رحمه اللَّه تعالى كلامه في هذه المسألة، وقال في آخرها:«وهذه المسألةُ يُوقف فيها على جميع ما كان في الكلام والقرآن مِنْ نظيرها، وذلك لمَنْ فَهمها حقَّ فَهْما وتدبَّرها حَقَّ تدبُّرها فهي من غُرَر المسائِل المُشْكلة» .
قوله:{وَهِيَ تَجْرِي} في هذه الجملة ثلاثة أوجه، أحدها: أنها مستأنفةٌ أخبر اللَّه تعالى عن السفينة بذلك. والثاني: أنها في محلِّ نصبٍ على الحال من الضمير المستتر في «بسم اللَّه» أي: جريانها استقرَّ بسم اللَّه حالَ كونِها جارية. والثالث: أنها حالٌ مِنْ شيءٍ محذوفٍ تضمَّنته جملةٌ دَلَّ عليها سياقُ الكلام. قال الزمخشري:«فإن قلت: بِمَ اتصل قوله: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ} ؟ قلت: بمحذوفٍ دلَّ عليه قوله {اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله} كأنه قيل: فركبوا فيها يقولون: بسم اللَّه وهي تجري بهم.
وقوله:{بِهِمْ} يجوزُ فيه وجهان، أحدهما: أن يتعلَّق ب» تَجْري «. والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ أي: تجري ملتبسةً بهم، ولذلك فَسَّره الزمخشري بقوله:» أي: تجري وهم فيها «.