الإِثارةُ قد ذَلَّلَتْها، واللهُ تعالى نفى عنها ذلك بقولِه: لا ذلولٌ. انتهى. وهذا المعنى هو الذي منعتُ به أن يكون» تثيرُ «صفةً لبقرة لأن اللازمَ مشتركٌ، ولذلك قال أبو البقاء:» ويجوزُ على قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ هذا الوجهَ يعني كونها تثيرُ ولا تَسْقي أن تكونَ تُثير في موضعِ رفعٍ صفةً لبقرة «. وقد أجابَ بعضُهم عن الوجه الثاني بأن إثارةَ الأرض عبارةٌ عن مَرَحِها ونشاطِها كما قال امرؤ القيس:
أي: تثيرُ الأرضَ مَرَحاً ونشاطاً لا حَرْثاً وعَمَلاً، وقال أبو البقاء: «وقيل هو مستأنفٌ، ثم قال:» وهو بعيدٌ عن الصحة، لوجهينِ، أحدُهما: أنه عَطَفَ عليه قوله: {وَلاَ تَسْقِي الحرث} فنفى المعطوفَ، فيجب أن يكونَ المعطوفُ عليه كذلك لأنه في المعنى واحدٌ، ألا ترى أنك لا تقول: مررتُ برجلٍ قائمٍ ولا قاعدٍ، بل تقول: لا قاعدٍ بغير واو، كذلك يجب أن يكون هنا، وذَكر الوجه الثاني كما تقدَّم، وأجاز أيضاً أن يكون «تُثير» في محلِّ رفعٍ صفةً لذَلول وقد تقدَّم لك خلافٌ: هل يُوصف الوصفُ أو لا؟ فهذه ستةُ أوجهٍ، تلخيصها: أنها حالٌ من الضميرِ في «ذَلولٌ» أو من «بقرة» أو صفةٌ لبقرة أو لذلولٌ أو مستأنفةٌ بإِضمارِ مبتدأ أو دونَه.
قوله:{وَلاَ تَسْقِي الحرث مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا} الكلام في هذه كما تقدم فيما قبلها من كونِها صفةً لبقرة أو خبراً لمبتدأ محذوفٍ. وقال الزمخشري: ولا الأولى للنفي يعني الداخلةَ على «ذلولٌ» والثانيةُ مزيدة/ لتوكيدِ