الغالبُ وقد جاء حيثُ لا يُمْكِنُ أن يكونَ للحالِ كقولِه:{فَمَن يَسْتَمِعِ الآن}[الجن: ٩]{فالآن بَاشِرُوهُنَّ}[البقرة: ١٨٧] فلو كان يقتضي الحالَ لَما جاء مع فعل الشرط والأمرِ اللذين هما نصٌّ في الاستقبالِ، وعَبَّر عنه هذا القائلُ بعبارةٍ توافقُ مذهبَه وهي:» الآن «لوقتٍ حُصِر جميعُه أو بعضُه» يريد بقولِه: «أو بعضُه» نحوَ: {فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ} وهو مبنيٌّ.
واختُلِفَ في علَّة بِنائِه، فقال الزجاج:«لأنَّه تضمَّن معنى الإِشارة، لأنَّ معنى أفعلُ الآن أي: هذا الوقتَ» . وقيل: لأنه أَشْبَهَ الحرفَ في لزومِ لفظٍ واحدٍ، من حيث إنه لا يُثَنَّى ولا يُجْمَعُ ولا يُصَغَّرُ. وقيل: لأنَّ تضمَّن معنى حرفِ التعريفِ وهو الألفُ واللامُ كأمسِ، وهذه الألفُ واللامُ زائدةٌ فيه بدليلِ بنائِه ولم يُعْهَدْ معرَّفٌ بأل إلاَّ مُعْرباً، ولَزِمَت فيه الألفُ واللامُ كما لَزِمَت في الذي والتي وبابهما، ويُعْزى هذا للفارسي. وهو مردودٌ بأنَّ التضمينَ اختصار، فكيف يُخْتصر الشيءَ، ثم يُؤْثى بمثلِ لفظِه. وهو لازمٌ للظرفيَّة ولا يَتَصَرَّفُ غالباً، وقد وَقَع مبتدأ في قوله عليه السلام:«فهو يَهْوى في قَعْرِها الآنَ حينَ انتهى» فالآن مبتدأ وبني على الفتح لِما تقدَّم، و «حين» خبره، بُني لإِضافتِه إلى غيرِ متمكِّنٍ، ومجروراً في قوله: