فهو في موضع المفعول الثاني ل «أرأيتم» ، وجوابُ الشرط محذوفٌ يدل عليه الجملةُ السابقة مع متعلَّقها.
قوله:{أَنْ أُخَالِفَكُمْ} قال الزمخشري: «خالفني فلان إلى كذا: إذا قصده وأنت مُوَلٍّ عنه، وخالفني عنه: إذا ولى عنه وأنت قاصدُه، ويلقاك الرجل صادراً عن الماء فتسأله عن صاحبه فيقول:» خالَفَني إلى الماء «، يريد أنه ذاهب إليه وارداً، وأنا ذاهبٌ عنه صادراً، ومنه قولُه تعالى:{وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} يعني أن أسْبِقَكم إلى شهواتكم التي نَهَيْتُكم عنها لأستبدَّ بها دونكم» . وهذا الذي ذكره أبو القاسم معنى حسنٌ لطيف ولم يتعرَّض لإِعرابِ مفرداته، لأنَّ بفهم المعنى يُفهم الإِعراب ولنذكر ما فيه:
فأقول: يجوز أن يكونَ «أن أخالفَكم» في موضع مفعولٍ ب «أريد» ، أي: وما أريدُ مخالفتَكم، ويكون فاعَلَ بمعنى فَعَل نحو: جاوَزْتُ الشيءَ وجُزْته، أي: وما أريد أن أخالفكم، أي: أكونَ خَلَفاً منكم. وقولُه:{إلى مَآ أَنْهَاكُمْ} يتعلَّق ب «أخالفكم» ، ويجوز أن يتعلَّق بمحذوف على أنه حال، أي: مائلاً إلى ما أنهاكم عنه، ولذلك قدَّر بعضُهم محذوفاً يتعلَّق به هذا الجارُّ تقديرُه: وأميل إلى أن أخالفكم، ويجوز أن يكونَ «أن أخالفكم» مفعولاً من أجله، وتتعلق «إلى» بقوله «أريد» بمعنى: وما أقصد لأجل مخالفتكم إلى ما أنهاكم عنه، ولذلك قال الزجاج: «وما أقصد بخلافكم إلى ارتكاب ما أنهاكم عنه.
ويجوز أن يُراد بأن أخالفكم معناه من المخالفة، وتكون في موضع المفعول به بأريد، ويقدَّر مائلاً إلى.