اسماً فلا تتعلَّقَ بشيء، ويجوز أن تكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي: أو هي أشدُّ. و «قسوة» نصبٌ على التمييزِ؛ لأنَّ الإِبهامَ حَصَلَ في نسبةِ التفضيلِ إليها، والمفضَّلُ عليه محذوفٌ للدلالةِ عليه أي: أشدُّ قسوةً من الحجارةِ.
وقُرئ «أشدَّ» بالفتح، ووجهُها أنه عَطَفَها على «الحجارة» أي: فهي كالحجارة أو كأشدَّ منها. قال الزمخشري مُوَجِّهاً للرفعِ:«وأشدُّ معطوفٌ على الكاف: إمَّا على معنى: أو مثلُ أشدَّ فَحُذِف المضافُ وأُقيم المضافُ إليه مُقامَه، وتَعْضُده قراءة الأعمش بنصبِ الدال عطفاً على الحجارة» . ويجوز على ما قاله أن يكونَ مجروراً بالمضافِ المحذوفِ تُرِكَ على حاله، كقراءة:{والله يُرِيدُ الآخرة}[الأنفال: ٦٧] بجرِّ الآخرةِ، أي: ثوابَ الآخرةِ، فيحصُلُ من هذا أنَّ فتحةَ الدالِ يُحْتَمَلُ أن تكونَ للنصبِ وأن تكونَ للجرِّ. وقال الزمخشري أيضاً:«فإنْ قلت: لِمَ قيل» أشدُّ قسوةً «وفعلُ القسوةِ ممَّا يخرُج منه أفعلُ التفضيلِ وفعلُ التعجبِ؟ يعني أنه مستكملٌ للشروطِ مِنْ كونِه ثلاثياً تاماً غيرَ لَونٍ ولا عاهةٍ متصرفاً غيرَ ملازمٍ للنفيِ ثم قال:» قلت: لكونِه أَبْيَنَ وأدلَّ على فرطِ القسوةِ، ووجهٌ آخرُ وهو أنه لا يَقْصِدُ معنى الأقسى، ولكنه قَصَد وصفَ القسوةِ بالشدة، كأنه قيل: اشتدَّتْ قسوةُ الحجارةِ وقلوبُهم أشدُّ قسوةً «وهذا كلامٌ حسنٌ جداً، إلا أنَّ كونَ القسوةِ يجوزُ بناءُ التعجبِ منها فيه نظرٌ من حيثُ إنَّها من الأمورِ الخَلْقيَّةِ أو من العيوبِ، وكلاهما ممنوعٌ منه بناءُ البابَيْنِ. وقُرئ: قَساوة.