للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للتبعيض، بل للبيان فقال: «حقُّها أن تكون للبيان لا للتبعيض؛ لأن النجاة إنما هي للناهين وحدهم، بدليل قوله عز وجل: {أَنجَيْنَا الذين يَنْهَوْنَ عَنِ السواء وَأَخَذْنَا الذين ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [الأعراف: ١٦٥] . قلت: فعلى الأول يتعلَّق بمحذوفٍ على أنها صفةٌ ل» قليلاً «، وعلى الثاني: يتعلَّق بمحذوف على سبيل البيان، أي: أعني.

قوله: {واتبع} العامَّةُ على» أتَّبع «بهمزة وصل وتاءٍ مشددة، وباء، مفتوحتين، فعلاً ماضياً مبنياً للفاعل، وفيه وجهان، أحدهما: أنه معطوفٌ على مضمر، والثاني: أن الواوَ للحال لا للعطف، ويتضح ذلك بقول الزمخشري:» فإن قلت: علامَ عَطَف قوله: {واتبع الذين ظَلَمُواْ} قلت: إنْ كان معناه: «واتَّبعوا الشهواتِ كان معطوفاً على مضمرٍ؛ لأن المعنى: إلا قليلاً مِمَّن أنجينا منهم نُهُوا عن الفساد، واتَّبع الذين ظلموا شَهواتِهم، فهو عطفٌ على» نُهوا «وإن كان معناه: واتَّبعوا جزاء الإِتراف، فالواو للحال، كأنه قيل: أَنْجَيْنا القليل، وقد اتَّبَعَ الذين ظَلَموا جزاءهم» .

قلت: فجوَّز في قولِه: «ما أُتْرفوا» وجهين أحدُهما: أنه مفعولٌ مِنْ غيرِ حذفِ مضاف، و «ما» واقعة على الشهوات وما بَطِروا بسببه من النِّعَم، والثاني: أنه على حَذْفِ مضاف، أي: جزاء ما أترفوا، ورتَّب على هذين الوجهين القولَ في «واتَّبع» كما عرفت.

والإِتراف: إفعالٌ من التَّرف وهو النعمة يُقال: صبيٌّ مُتْرَفٌ، أي: مُنْعَم البدن، وأُتْرفوا: نَعِموا. وقيل: التُّرْفة: التوسُّع في النِّعْمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>